أحمد بن صالح أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر: مقرئ عالم بالحديث وعلله، حافظ ثقة لم يكن في أيامه بمصر مثله. كان أبوه من اجناد طبرستان وولد له أحمد بمصر. زار بغداد واجتمع بالامام أحمد بن حنبل، وأخذ كلاهما عن الآخر. وحدث بدمشق وبأنطاكية. ولم ينصف كتابا، لكنه يتردد ذكره عند أهل الحديث. توفي بمصر.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 137
أحمد بن صالح المصري الطبري أبوه من أجناد طبرستان، الحافظ أحد أركان العلم والحفظ، روى عنه البخاري وأبو داود ثم روى عنه البخاري عن رجل عنه، جالس أحمد بن حنبل وناظره وكان جامعا للنحو والحديث والفقه، قال أحمد العجلي: صالح ثقة صاحب سنة، وقال النسائي: لم يكن فيه آفة غير الكبر، توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
أحمد بن صالح الإمام الكبير، حافظ زمانه بالديار المصرية، أبو جعفر المصري، المعروف: بابن الطبري.
كان أبوه جنديا من آمل طبرستان.
وكان أبو جعفر رأسا في هذا الشأن، قل أن ترى العيون مثله مع الثقة والبراعة.
ولد بمصر سنة سبعين ومائة، ضبطه ابن يونس.
حدث عن: ابن وهب -فأكثر- وعن: سفيان بن عيينة، ارتحل إليه، وحج، وسار إلى اليمن، فأكثر عن عبد الرزاق، وروى أيضا، عن ابن أبي فديك، وعنبسة بن خالد الأيلي، وحرمي بن عمارة، وأسد بن موسى، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، ويحيى بن حسان، ويحيى بن محمد الجاري، وأبي نعيم، وعفان، وسلامة بن روح، وخلق سواهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن يحيى، وموسى بن سهل الرملي، ومحمد بن المثنى الزمن، وهو أكبر منه، ومحمود بن غيلان، وهو من طبقته، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومات قبله بزمان، وأبو إسماعيل الترمذي، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم، ويعقوب الفسوي، وإسماعيل سمويه، وصالح بن محمد جزرة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، وعبيد بن رجال، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان، وخلق كثير آخرهم، وفاة أبو بكر بن أبي داود. وقد سمع منه النسائي، ولم يحدث عنه، وقع بينهما، وآذاه أحمد بن صالح، فآذى النسائي نفسه بوقوعه في أحمد.
روى علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن محمد بن عبد الله بن نمير، سمعت أبا نعيم يقول: ما قدم علينا أحد بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى -يريد: أحمد بن صالح.
وقال الحافظ ابن عدي: سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول: قدمت العراق، فسألني أحمد بن حنبل: من خلفت بمصر؟ قلت: أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرا، ودعا الله له.
محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري: سمعت أبا الحسن علي بن محمود الهروي يقول: قلت لأحمد بن حنبل: من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب؟ قال: أحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى النيسابوري.
وقال عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات ما أحد أتخذه عند الله حجة إلا رجلين: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق.
قلت: في صحة هذا نظر، فإن يعقوب ما كتب عن ألف شيخ، ولا شطر ذلك، وهذه مشيخته موجودة في مجلد لطيف، وشتان ما بين الأحمدين في سعة الرحلة، وكثرة المشايخ والجلالة والفضل.
قال البخاري: أحمد بن صالح ثقة صدوق ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة، وكان أحمد بن حنبل، وعلي، وابن نمير، وغيرهم يثنون على أحمد بن صالح كان علي يقول: سلوا أحمد، فإنه أثبت.
خلف الخيام: سمعت صالح بن محمد يقول: قال أحمد بن صالح: كان عند ابن وهب مائة ألف حديث كتبت عنه خمسين ألفا.
قال صالح: ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث، ولا يحفظ غير أحمد بن صالح كان يعقل الحديث، ويحسن أن يأخذ، وكان رجلا جامعا يعرف الفقه، والحديث، والنحو، ويتكلم يعني: يعرف، ويذاكر في حديث الثوري، وشعبة، وأهل العراق أي يذاكر بذلك قال: وكان قدم العراق، وكتب عن عفان، وهؤلاء، وكان يذاكر بحديث الزهري، ويحفظه.
وقال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن زبالة يعني: محمد بن الحسن بن زبالة مائة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث، فتركت حديثه.
وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر بن السرح ويقع في حرملة، ويونس بن عبد الأعلى.
قال ابن عدي: سمعت محمد بن موسى الحضرمي هو أخو أبي عجيبة يقول: سمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض الناس منها الكل -يعني: حرملة- وعند بعض الناس منها النصف -يريد نفسه.
قال علي بن الجنيد الحافظ: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: أخبرنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفرات، فليس أحد مثله.
وقال الحافظ ابن عقدة: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة سمعت ابن نمير، وذكر أحمد بن صالح، فقال: هو واحد الناس في علم الحجاز، والمغرب فهم، وجعل يعظمه، وأخبرنا عنه بغير شيء.
أحمد بن سلمة النيسابوري، عن ابن وارة قال: أحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين.
قال أحمد العجلي: أحمد بن صالح مصري ثقة صاحب سنة.
وقال أبو حاتم: ثقة كتبت عنه بمصر، وبدمشق، وأنطاكية.
قال أبو زرعة الدمشقي: ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومائتين.
وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح، وكان لا يحدث عنه: وكتب عن ابن زبالة بخمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه، وحدث أحمد بن صالح قبل أن يبلغ الأربعين، وكتب عباس العنبري عن رجل، عنه، وقال: كان أحمد ابن صالح يقوم كل لحن في الحديث.
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل الغزال: أحمد بن صالح طبري الأصل كان من حفاظ الحديث، واعيا، رأسا في علم الحديث وعلله، وكان يصلي بالشافعي، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم بالآثار منه.
قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه من طبرستان جنديا من العجم، وكان أحمد حافظا للحديث ذكره النسائي يوما، فرماه وأساء الثناء عليه، وقال: حدثنا معاوية بن صالح سمعت يحيى بن معين يقول: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف ثم قال ابن يونس: لم يكن عندنا بحمد الله كما قال النسائي، ولم يكن له آفة غير الكبر.
وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا دواد السجستاني يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون يعني: ليس بذاك في الجلالة.
ثم قال ابن عدي: وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول: كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار، ويركبه إلى صلاة الجمعة، وكنت جالسا عند حرملة، في الجامع، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع، فنظر إلينا، وإلى حرملة، ولم يسلم، فقال حرملة: انظروا إلى هذا بالأمس يحمل دواتي، واليوم يمر بي فلا يسلم.
وقال أيضا: سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي سمعت معاوية بن صالح قال: سألت يحيى عن أحمد بن صالح، فقال: رأيته كذابا يخطر في جامع مصر.
وقال عبد الكريم بن النسائي، عن أبيه: أحمد بن صالح ليس بثقة، ولا مأمون تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن معين بالكذب.
قال ابن عدي: كان النسائي سيئ الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث منها عن ابن
وهب، عن مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’الدين النصيحة’’.
ثم قال ابن عدي: أحمد بن صالح من حفاظ الحديث، وخاصة لحديث الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته، وحدث عنه: البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى، واعتمادهما عليه، في كثير من حديث الحجاز، وعلى معرفته، وحدث عنه من حدث من الثقات، واعتمدوه حفظا، وإتقانا، وكلام ابن معين، فيه تحامل، وأما سوء ثناء النسائي عليه، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول: هذا الخراساني يتكلم، في أحمد بن صالح، وحضرت مجلس أحمد بن صالح، وطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه قال: وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول ما قاله أحمد لا ما قاله غيره، وحديث: ’’الدين
النصيحة’’. الذي أنكره النسائي قد رواه يونس بن عبد الأعلى أيضا، عن ابن وهب، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة. قال: وأحمد بن صالح من أجلة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن، في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إلي أحمد بن صالح: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، ولولا أني شرطت، في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم، فيه متكلم لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.
قال أبو عمرو الداني، عن مسلمة بن القاسم: الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله، وإن أحمد بن حنبل وغيره وكتبوا عنه، ووثقوه، وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة، فكان يحدثه ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة، فلما رآه في مجلسه، أنكره، وأمر بإخراجه، فضعفه النسائي لهذا.
وقال الخطيب: احتج سائر الأئمة بحديث ابن صالح سوى النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه، وليس الأمر على ما ذكر النسائي. ويقال: كان فيه الكبر، وشراسة الخلق، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك الذي أفسد الحال بينهما.
وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات، وما أورده في الضعفاء فأحسن، ولكن ذكر في الضعفاء أحمد بن صالح المكي الشمومي، وكذبه، وادعى أنه هو الذي حط عليه ابن معين، وقصد أن ينزه ابن معين عن الوقيعة في مثل أحمد بن صالح الطبري الحافظ.
قال عبد الله بن محمد بن سيار: أخبرنا بندار قال: كتبت إلى أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث -أي إجازة- وسألته أن يجيز لي، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إلي.
قال الخطيب: بلغني أن أحمد بن صالح كان لا يحدث إلا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه، فلما حمل أبو داود السجستاني إليه ابنه ليسمع منه -وكان إذا ذاك أمرد- أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره. فقال أبو داود: هو -وإن كان أمرد- أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه بما أردت. فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ، ولم يحدث أمرد غيره.
قال: وكان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه، ورد بغداد قديما، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه، وبين أحمد بن حنبل مذاكرات، وكان أبو عبد الله يذكره،
ويثني عليه، وقيل: إن كلا منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا ثم رجع ابن صالح إلى مصر، وانتشر عند أهلها علمه، وحدث عنه الأئمة.
أنبأنا أبو الغنائم بن علان، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل، أخبرنا أبو أحمد بن عدي سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر، فأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت؟ قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك؟ فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيننا. فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومائتين إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك؟ فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه، ثم قال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، فما رأيت أحسن من مذاكرتهما، ثم قال أحمد بن حنبل: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد الصحابة، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر ....، إلى أن قال لأحمد بن صالح: عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف قال: النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين’’.
فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا. فجعل أحمد يتبسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح؛ عبد الرحمن بن إسحاق، فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثناه ثقتان: إسماعيل ابن علية، وبشر بن المفضل. فقال أحمد بن صالح: سألتك بالله إلا أمليته علي. فقال: أحمد من الكتاب، فقام، ودخل، فأخرج الكتاب، وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيرا ثم، ودعه، وخرج.
وهذا الحديث، في ’’مسند’’ الإمام أحمد عنهما، ولفظه قال -صلى الله عليه وسلم: ’’شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه’’. فهذا لفظ إسماعيل ثم رواه ثانيا، فقال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’شهدت حلف المطيبين مع عمومتي، وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكثه’’.
قلت: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي بهما.
وقد قال البخاري في التوحيد من صحيحه: حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، عن ابن أبي هلال أن أبا الرجال حدثه، عن أمه عمرة، وكانت في حجر عائشة، عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه، في صلاتهم، فيختم بـ: {قل هو الله أحد}، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ’’سلوه لأي شيء يصنع ذلك’’؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ’’أخبروه أن الله يحبه’’.
فمحمد هو ابن يحيى الذهلي. قال ذلك أبو علي الغساني، في كتاب ’’تقييد المهمل’’، وأنا إلى هذا أميل إن كانت النسخ متفقة في ذلك، فإنني أخاف أن يكون محمد هو البخاري، فإن كثيرا من النسخ في أول كل حديث منها اسم المؤلف، وفي بعضها: محمد الفربري، أخبرنا محمد، فيحرر هذا.
قال أبو زرعة النصري: حدثني أحمد بن صالح قال: حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار، فأعجبه، واستزادني مثله، فقلت: ومن أين مثله؟!
قال: صالح بن محمد جزرة الحافظ: حضرت مجلس أحمد بن صالح، فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي، فقلت: أما الماجن، فأنا هو: وذاك أنه قيل له: صالح الماجن قد حضر مجلسك.
الحاكم: حدثنا أبو حامد السياري، حدثنا أبو بكر محمد بن داود الرازي: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح، فدخلت، فتذاكرانا إلى أن ضاق الوقت ثم أخرجت من كمي أطرافا فيها أحاديث، فسألته عنها، فقال لي: تعود. فعدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف، وسألته، فقال: تعود. فقلت: أليس قلت لي بالأمس: ما عندك ما يكتب؟ أورد علي مسندا أو مرسلا أو حرفا مما أستفيد، فإن لم أورد ذلك عمن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة. ثم قمت، وقلت لأصحابنا: من ههنا ممن نكتب عنه؟ قالوا: يحيى بن بكير، فذهبت إليه.
قال ابن عدي: كان أحمد بن صالح قد سمع في كتب حرملة، فمنعه حرملة من الكتب، ولم يدفع إليه إلا نصف الكتب، فكان أحمد بن صالح بعد كل من سمع من حرملة، وبدأ به إذا وافى مصر لم يحدثه أحمد.
وقال ابن عدي: سمعت عبد الله بن محمد بن سلم المقدسي يقول: قدمت مصر، فبدأت بحرملة، فكتبت عنه كتاب عمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، والفوائد، ثم ذهبت إلى أحمد بن صالح، فلم يحدثني، فحملت كتاب يونس، فخرقته بين يديه أرضيه بذلك، وليتني لم أخرقه، فلم يرض، ولم يحدثني.
قلت: نعوذ بالله من هذه الأخلاق صدق أبو سعيد بن يونس حيث يقول: لم يكن له آفة غير الكبر، فلو قدح في عدالته بذلك، فإنه إثم كبير.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد بن أبي غالب الزاهد، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان، حدثنا أبو جعفر أحمد بن صالح المصري، حدثنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني أسمع منك حديثا كثيرا، فأنساه قال: ’’ ابسط رداءك’’. فبسطته، فغرف بيده ثم قال: ’’ضمه’’. فضممته، فما نسيت حديثا بعد.
رواه البخاري، عن الثقة، عن ابن أبي فديك.
وبه: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن
شرحبيل، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’لأن يتصدق الرجل في حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة دينار عند موته’’.
أخرجه أبو داود، عن أحمد، فوافقناه بعلو.
فأما حديث بيع الثمار، فأنبأناه علي بن أحمد، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا أحمد، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس بن يزيد قال: سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما يذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث، عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال: كان الناس يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمار الدمان، وأصابه قشام، وأصابه مراض عاهات يحتجون بها، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’فإما لا فلا تبيايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها’’. كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم. قال ابن أبي داود: إني شاك لا أدري سمعت هذه الكلمة من قول أحمد، وهو في كتابي مجاز عليه. وأخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح.
قال جماعة منهم البخاري، وابن زبر: مات أحمد بن صالح في شهر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين، وقد كان أحمد بن صالح من جلة المقرئين.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن ورش، وقالون، وإسماعيل بن
أبي أويس وأخيه؛ أبي بكر بن أبي أويس، كلهم عن نافع قال: وروى حروف عاصم عن حرمي بن عمارة.
روى عنه القراءة: حجاج الرشديني، والحسن بن أبي مهران الجمال، والحسن بن علي بن مالك الأشناني، وحسن بن القاسم، والخضر بن الهيثم الطوسي، وأبو إسحاق الحراني، وغيرهم.
قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن زيد بن الحسن أنبأنا أبو الحسين بن توبة، أخبرنا أبو محمد بن هزارمرد، أخبرنا عمر بن إبراهيم الكتاني، حدثنا ابن مجاهد في كتاب ’’السبعة’’ له قال: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا أحمد بن صالح عن ورش، وقالون، وأبي بكر، وإسماعيل عن نافع بالحروف.
قال أبو داود: سألت أحمد بن صالح عمن قال: القرآن كلام الله، ولا يقول: مخلوق، ولا غير مخلوق، فقال: هذا شاك، والشاك كافر.
قلت: بل هذا ساكت، ومن سكت تورعا لا ينسب إليه قول، ومن سكت شاكا مزريا على السلف، فهذا مبتدع.
وقال محمد بن موسى المصري: سألت أحمد بن صالح، فقلت: إن قوما يقولون: إن لفظنا بالقرآن غير الملفوظ، فقال: لفظنا بالقرآن هو الملفوظ، والحكاية هي المحكي، وهو كلام الله غير مخلوق من قال: لفظي به مخلوق، فهو كافر.
قلت: إن قال: لفظي، وعنى به القرآن، فنعم، وإن قال: لفظي، وقصد به تلفظي وصوتي وفعلي أنه مخلوق، فهذا مصيب، فالله تعالى خالقنا، وخالق أفعالنا، وأدواتنا، ولكن الكف عن هذا هو السنة، ويكفي المرء أن يؤمن بأن القرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله على قلب نبيه، وأنه غير مخلوق، ومعلوم عند كل ذي ذهن سليم أن الجماعة إذا قرءوا السورة أنهم جميعهم قرءوا شيئا، واحدا، وأن أصواتهم وقراءاتهم وحناجرهم أشياء
مختلفة، فالمقروء كلام ربهم، وقراءتهم وتلفظهم ونغماتهم متباينة، ومن لم يتصور الفرق بين التلفظ وبين الملفوظ، فدعه، وأعرض عنه.
عقبة بن مكرم، عقبة بن مكرة الضبي:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 517
أحمد بن صالح أبو جعفر المصري سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب يقول: سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح فقال: رأيته كذابا يخطر في جامع مصر.
وكان النسائي هذا سيء الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث منها، عن ابن وهب، عن مالك عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة.
حدثنا العباس بن محمد بن العباس عن أحمد بن صالح بذلك.
سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهم الناس، يعني ليس بذلك في الجلالة.
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يريد أحمد بن صالح.
سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر يقول: سمعت أبا زرعة الدمشقي عبد الرحمن بن عمرو يقول: قدمت العراق فسألني أحمد بن حنبل: من خلفت بمصر؟ قلت: أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرا ودعا له الله.
سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر فاتيت أحمد بن صالح فسألني: من أين أنت؟ قلت: من بغداد، قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ قلت: أنا من أصحابه قال: تكتب لي موضع منزلك فإني أريد أن أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل، فكتب له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنى عشرة إلى عفان، فسأل عني فلقيني قال: الموعد الذي بيني وبينك، فذهبت به إلى أحمد بن حنبل واستأذنت له فقلت: أحمد بن صالح بالباب فقال: ابن الطبري؟ قلت: نعم، فأذن له، فقام إليه ورحب به وقربه وقال له: بلغني عنك أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، وما رأيت أحسن من مذاكرتهما، ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: عندك عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين؟ فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد بن حنبل يبتسم ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول، أو صالح: عبد الرحمن بن إسحاق، قال: من رواه عن عبد الرحمن بن إسحاق؟ فقال: حدثناه رجلان ثقتان: إسماعيل بن علية وبشر بن المفضل، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك بالله إلا أمليته علي، فقال أحمد: من الكتاب، فقام فدخل وأخرج الكتاب وأملاه عليه، فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا، ثم ودعه وخرج.
حدثنا العباس بن محمد بن العباس، حدثنا موسى بن سهل قال: قدم أحمد بن صالح الرملة فسألوه أن يحدثهم ويجلس للناس فأبى وامتنع عن ذلك، فكلموا ابن أبي السري العسقلاني فكلمه، فجلس للناس، فحدثنا حينئذ بألوف من حفظه.
قال موسى: وسألته منذ ثلاثين سنة عن تفسير حديث أم الطفيل، فقال: نصدق بهذه الأحاديث على وجوهها، ولا نسأل عن تأويلها، ثم سألته الآن عن مثل ذلك، فقال لي: هذه أخت تلك، وبينهما نحو من ثلاثين سنة، أو نحو هذا.
سمعت محمد بن موسى الحضرمي يعرف بأخي أبي عجينة بمصر يقول: سمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مئة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض الناس منها الكل، يعني حرملة، وعند بعض الناس النصف، يعني نفسه.
قال لنا محمد بن موسى: وحديث ابن وهب كله عند حرملة إلا حديثين: حديث ينفرد به عن ابن وهب أبو الطاهر بن السرح، وحديث يرويه عن ابن وهب الغرباء.
قال الشيخ: فأما حديث أبي الطاهر، فحدثناه العباس بن محمد بن العباس، والقاسم بن محمد بن مهدي، ومحمد بن ريان بن حبيب، وأبو العلاء الكوفي محمد بن أحمد بن جعفر وغيرهم إلى تمام ثمانية، قالوا: حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، واسمه سليم بن جبير مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم سيد، فالرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها.
أما الحديث الذي يحدث به عن ابن وهب الغرباء، فحدثناه أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي، وأحمد بن علي بن المثنى، قالا: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن قتيبة، وعبد الله بن وهيب الغزي، قالا: حدثنا يزيد بن موهب الرملي (ح) وحدثنا أبو عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب، حدثنا قتيبة بن سعيد (ح) وحدثنا أحمد بن محمد بن عمر، حدثنا سفيان بن وكيع (ح) وحدثنا الحسين بن عبد المجيب الموصلي، حدثنا سفيان بن محمد الفزاري، قالوا: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة.
قال الشيخ: ورواه يحيى بن يحيى، عن ابن وهب، ولا أعلم رواه عن ابن وهب من الغرباء غير هؤلاء الستة الذين ذكرتهم، وسابعهم يحيى بن يحيى، ولم يروه عن ابن وهب مصري.
وقول أحمد بن صالح في هذه الحكاية: فعند بعض الناس منها الكل وعند بعض الناس منها النصف، كان قد سمع في كتب حرملة، فمنعه حرملة ولم يدفع إليه السماع إلا نصفها، فكان أحمد بن صالح بعد كل من بدأ بحرملة إذا وافى مصر لم يحدثه أحمد.
سمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول: كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار فيركبه إلى صلاة الجمعة، وكنت جالسا عند حرملة في الجامع فجاز
أحمد بن صالح على باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حرملة ولم يسلم فقال حرملة: انظر إلى هذا بالأمس يحمل دواتي، يعني المحبرة، واليوم يمر بي فلا يسلم، قال القاسم بن مهدي: ولم يحدثني أحمد بن صالح لأني كنت جالسا عند حرملة.
سمعت عبد الله بن محمد بن سلم المقدسي يقول: قدمت مصر فبدأت بحرملة، فكتبت عنه كتاب عمرو بن الحارث ويونس بن يزيد والفوائد، ثم ذهبت إلى أحمد بن صالح فلم يحدثني، فحملت كتاب يونس بن يزيد الذي كتبته عن حرملة، فخرقته بين يديه لأرضيه، وليتني لم أخرقه، فلم يرض ولم يحدثني.
سمعت عصمة بن بجماك يقول: سمعت صالح بن جزرة يقول: حضرت مجلس أحمد بن صالح فقال أحمد: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي، فقلت: أما المبتدع فلست، وأما الماجن فأنا هو. وذاك أنه قيل له: إن صالح الماجن قد حضر مجلسك.
قال الشيخ: وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث وبخاصة حديث الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته، وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى، واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز وعلى معرفته، وحدث عنه من حدث من الثقات واعتمدوه حفظا وإتقانا، وكلام ابن معين فيه تحامل، وأما سوء رأي النسائي؛ فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول: هذا الخراساني، يعني النسائي يتكلم في أحمد بن صالح، وحضرت مجلس أحمد بن صالح وطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه.
وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول فيه ما قاله أحمد، لا ما قاله غيره فيه، وحديث الدين النصيحة الذي أنكره النسائي عليه، فقد رواه عن ابن وهب يونس بن عبد الأعلى، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة وغيره.
وسمعت عبدان يقول: لم يكن في أصحاب بن وهب أحفظ ولا أتقن من يونس بن عبد الأعلى، وإنما وضع منه اتصاله بالقاضي الذي كان عندهم، فقلت أنا لعبدان: إبراهيم بن أبي الليث؟ فقال: نعم.
قال الشيخ: وكان إبراهيم بن أبي الليث من أصحاب ابن أبي داود. حدثناه عن يونس عبد الأعلى محمد بن أحمد بن حماد، عن ابن وهب كما رواه أحمد بن صالح.
قال الشيخ: وروى هذا الحديث عن مالك أيضا محمد بن خالد بن عثمة، ومعن بن عيسى، وأحمد بن مخشي الأنماطي عن مالك.
حدثناه أحمد بن محمد بن عمر، حدثنا أبو عثمان أحمد بن عثمان، حدثنا محمد بن خالد بن عثمة (ح) وحدثني علي بن أحمد بن مروان، حدثنا حميد بن الربيع، حدثنا معن عن مالك، حدثنا صالح بن أبي مقاتل، حدثنا الحسين بن علي بن بشر بن معروف، حدثنا محمد بن مخشي، حدثنا مالك كرواية أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن مالك.
قال الشيخ: وروي عن الثوري عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ الدين النصيحة.
حدثناه على الرازي، حدثنا عباس الزينبي، حدثنا بشر بن منصور، عن الثوري.
قال الشيخ: فحديث قد رواه عن ابن وهب يونس، وتابع أحمد عليه ورواه معن، وابن عثمة، وابن مخشي عن مالك، ثم روي عن الثوري كروايتهم فلا يؤثر قول النسائي فيه، ولا إنكاره عليه يساوي شيئا.
وأحمد بن صالح من أجله الناس، وذاك أني رأيت جمع أبى موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري، يقول: كتب إلي أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري.
ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه متكلم، لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 5( 1997) , ج: 1- ص: 295
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر
يعرف بابن الطبري وكان أبوه من أهل طبرستان من الجند.
سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر فأتيت أحمد بن صالح فقال لي: من أين أنت؟ قلت من أهل بغداد، فقال لي: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل، قلت: أنا من أصحابه، فقال لي: تكتب لي صفة منزلك والمحلة التي تسكنها فإنني أريد أن أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل، فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح إلى عفان في سنة اثنتي عشرة فلقيني وقال: الموعد الذي بيني وبينك، فذهبت به إلى أحمد بن حنبل واستأذنت له فقال لي: أحمد بن الطبري، فقلت: نعم، فأذن له فرحب به وقربه، وقال: بلغني أنك جمعت حديث الزهري فهات حتى نتذاكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا يتذاكران فما رأيت مذاكرة أحسن من تلك وما يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، فقال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: فهات حتى نتذاكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: عندك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين ...] الحديث. فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا؟ فقال أحمد: هذا رواه عن الزهري رجل مقبول وهو عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي، وحدثناه عن ذلك الرجل شيخان ثقتان بشر بن مفضل وإسماعيل بن علية، فقال أحمد بن صالح: سألتك بالله إلا أمليته علي، فقال: من الكتاب، فقام وأخرج الكتاب وأملاه عليه، فأعجب به أحمد بن صالح وقال: لو لم استفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيراً ثم ودعه وخرج من عنده.
حدثني عبدان عن وهب بن بقية الواسطي عن خالد الواسطي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري بمائة حديث.
سمعت أحمد بن عاصم الأقرع المصري يقول: سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن أحمد بن صالح؟ فأثنى عليه خيراً.
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 1- ص: 70
دار البخاري - المدينة المنورة - بريدة-ط 1( 1995) , ج: 1- ص: 70
أحمد بن صالح يعرف بابن الطبري يكنى بأبي جعفر من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكا رحمه الله.
سمع من بن وهب وغيره قال أبو عمر المقري كان حافظا للحديث وأخذ القراءة عن ورش وقالون. كتب له أحمد بن حنبل والذهلي وخرج عنه البخاري في الصحيح وأبو داود السجستاني وغيرهم. وهو ثقة ثبت مأمون صاحب سنة إمام مجمع على ثقته فقيه نظار أحد الأئمة الحفاظ المتقين.
قال القاضي عياض: وكان يرى في الجنب أنه إذا لم يقدر على الطهر بالماء من برد وخوف على نفسه أنه يتوضأ ويصلي ويجزئه على ما جاء في بعض الروايات في حديث عمرو بن العاص فتوضأ وصلى بهم.
ولم يقل بهذا الرأي أحد من فقهاء الأمصار سوى طائفة ممن ينتحل الحديث. لهذا الحديث ولأن الوضوء عندهم فوق التيمم. توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين. مولده بمصر سنة سبعين ومائة قاله أبو عمرو المقري.
دار التراث للطبع والنشر - القاهرة-ط 1( 2005) , ج: 1- ص: 143
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر الطبري الحافظ أحد أركان العلم وجهابذة الحفاظ
قال أبو سعيد بن يونس كان أبوه جنديا من أجناد طبرستان فولد له أحمد بمصر سنة سبعين ومائة
قلت سمع سفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب وحرمي بن عمارة وعنبسة ابن سعيد وابن أبي فديك وعبد الرزاق وعبد الله بن نافع والشافعي
وروى عنه البخاري وربما روى عن رجل عنه وروى عنه أيضا أبو داود وعمرو الناقد والذهلي ومحمد بن عبد الله بن نمير ومحمود بن غيلان وأبو زرعة الدمشقي وصالح جزرة وأبو إسماعيل الترمذي وأبو بكر بن أبي داود وخلق
ودخل بغداد وناظر بها أحمد بن حنبل
قال أبو زرعة سألني أحمد بن حنبل من بمصر فقلت أحمد بن صالح
فسر بذكره ودعا له
وقال البخاري هو ثقة ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة
وقال يعقوب الفسوي كتبت عن ألف شيخ وكسر حجتي فيما بيني وبين الله رجلان أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح
وقال ابن وارة الحافظ أحمد بن حنبل ببغداد وأحمد بن صالح المصري بمصر والنفيلي بحران وابن نمير بالكوفة هؤلاء أركان الدين
وقد تكلم النسائي في أحمد بن صالح فقال ليس بثقة ولا مأمون تركه محمد بن يحيى ورماه يحيى بن معين بالكذب
قال الحافظ أبو بكر الخطيب يقال كان آفة أحمد بن صالح الكبر وشراسة الخلق ونال النسائي منه جفاء في مجلسه فذلك الذي أفسد بينهما
قال ابن عدي سمعت محمد بن هارون البرقي يقول حضرت مجلس أحمد بن صالح وطرد النسائي من مجلسه فحمله على أن تكلم فيه
قال ابن عدي وكان النسائي ينكر عليه أحاديث منها
عن ابن وهب عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه الدين النصيحة
والحديث فقد رواه يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب
قال ابن عدي وأحمد من حفاظ الحديث وكلام ابن معين فيه تحامل
وأراد بكلام ابن معين ما ذكره معاوية بن صالح عنه أنه سأله عن أحمد بن صالح فقال رأيته كذابا يخطر في جامع مصر
قلت وقد ذكر أن الذي ذكر فيه ابن معين هذه المقالة هو أحمد بن صالح الشموني وهو شيخ بمكة كان يضع الحديث وأنه لم يعن أحمد بن صالح هذا فإن هذا كان من أقرانه في الحفظ والإتقان ويترجح عليه في حديث أهل مصر والحجاز وذكر أيضا أنه كانت بينه وبينه منافرة دنيوية
قال ابن عدي وأما سوء ثناء النسائي عليه فلما تقدم
قال ولولا أني شرطت أن أذكر في كتابي كل من تكلم فيه متكلم لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره
وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد ابن صالح ثقة حافظ واتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه وقد نقم على النسائي كلامه فيه
وقال ابن العربي في كتاب الأحوذي إمام ثقة من أئمة الملسمين لا يؤثر فيه تجريح وإن هذا القول يحط من النسائي أكثر مما حط من ابن صالح
قلت وكذا قال الباجي
قلت أحمد بن صالح ثقة إمام ولا التفات إلى كلام من تكلم فيه
ولكنا ننبهك هنا على
قاعدة في الجرح والتعديل
ضرورية نافعة لا تراها في شئ من كتب الأصول فإنك إذا سمعت أن الجرح مقدم على التعديل ورأيت الجرح والتعديل وكنت غرا بالأمور أو فدما مقتصرا على منقول الأصول حسبت أن العمل على جرحه فإياك ثم إياك والحذر كل الحذر من هذا الحسبان بل الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه ومزكوه وندر جارحه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه ونعمل فيه بالعدالة وإلا فلو فتحنا هذا الباب أو أخذنا تقديم الجرح على إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون
وقد عقد الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الكتاب العلم بابا في حكم قول العلماء بعضهم في بعض بدأ فيه بحديث الزبير رضي الله عنه دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء الحديث
وروي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زروبها
وعن مالك بن دينار يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شئ إلا قول بعضهم في بعض
قلت ورأيت في كتاب معين الحكام لابن عبد الرفيع من المالكية وقع في المبسوطة من قول عبد الله بن وهب أنه لا يجوز شهادة القارئ على القارئ يعني العلماء لأنهم أشد الناس تحاسدا وتباغيا
وقاله سفيان الثوري ومالك بن دينار
انتهى
ولعل ابن عبد البر يرى هذا ولا بأس به غير أنا لا نأخذ به على إطلاقه ولكن نرى أن الضابط ما نقوله من أن ثابت العدالة لا يلتفت فيه إلى قول من تشهد القرائن بأنه متحامل عليه إما لتعصب مذهبي أو غيره
ثم قال أبو عمر بعد ذلك الصحيح في هذا الباب أن من ثبتت عدالته وصحت في العلم إمامته وبالعلم عنايته لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات
واستدل بأن السلف تكلم بعضهم في بعض بكلام منه ما حمل عليه الغضب أو الحسد ومنه ما دعا إليه التأويل واختلاف الاجتهاد فيما لا يلزم المقول فيه ما قال القائل فيه
وقد حمل بعضهم على بعض بالسيف تأويلا واجتهادا
ثم اندفع ابن عبد البر في ذكر كلام جماعة من النظراء بعضهم في بعض وعدم الالتفات إليه لذلك إلى أن انتهى إلى كلام ابن معين في الشافعي وقال إنه مما نقم على ابن معين وعيب به وذكر قول أحمد بن حنبل من أين يعرف يحيى بن معين الشافعي هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقوله الشافعي ومن جهل شيئا عاداه
قلت وقد قيل إن ابن معين لم يرد الشافعي وإنما أراد ابن عمه كما سنحكيه إن شاء الله تعالى في ترجمة الأستاذ أبي منصور وبتقدير إرادته الشافعي فلا يلتفت إليه وهو عار عليه وقد كان في بكاء ابن معين على إجابته المأمون إلى القول بخلق القرآن وتحسره على ما فرط منه ما ينبغي أن يكون شاغلا له عن التعرض إلى الإمام الشافعي إمام الأئمة ابن عم المصطفى صلى الله عليه وسلم
ثم ذكر ابن عبد البر كلام ابن أبي ذيب وإبراهيم بن سعد في مالك بن أنس قال وقد تكلم أيضا في مالك عبد العزيز بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ومحمد بن إسحاق وابن أبي يحيى وابن أبي الزناد وعابوا أشياء من مذهبه وقد برأ الله عز وجل مالكا عما قالوا وكان عند الله وجيها
قال وما مثل من تكلم في مالك والشافعي ونظائرهما إلا كما قال الأعشى
كناطح صخرة يوما ليقلعها | فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل |
أو كما قال الحسن بن حميد
يا ناطح الجبل العالي ليكلمه | أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل |
ولقد أحسن أبوالعتاهية حيث يقول
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما | وللناس قال بالظنون وقيل |
وقيل لابن المبارك فلان يتكلم في أبي حنيفة فأنشد
حسدوك أن رأوك فضلك الله | بما فضلت به النجباء |
وقيل لأبي عاصم النبيل فلان يتكلم في أبي حنيفة فقال هو كما قال نصيب
#سلمت وهل حي على الناس يسلموقال أبو الأسود الدؤلي
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه | فالقوم أعداء له وخصوم |
ثم قال ابن عبد البر فمن أراد قبول قول العلماء الثقات بعضهم في بعض فليقبل قول الصحابة بعضهم في بعض فإن فعل ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا
وخسر خسرانا مبينا
قال وإن لم يفعل ولن يفعل إن هداه الله وألهمه رشده فليقف عندما شرطناه في أن لا يقبل في صحيح العدالة المعلوم بالعلم عنايته قول قائل لا برهان له
قلت هذا كلام ابن عبد البر وهو على حسنه غير صاف عن القذى والكدر فإنه لم يزد فيه على قوله إن من ثبتت عدالته ومعرفته لا يقبل قول جارحه إلا ببرهان وهذا قد أشار إليه العلماء جميعا حيث قالوا لا يقبل الجرح إلا مفسرا
فما الذي زاده ابن عبد البر عليهم وإن أومأ إلى أن كلام النظير في النظير والعلماء بعضهم في بعض مردود مطلقا كما قدمناه عن المبسوطة فليفصح به ثم هو مما لا ينبغي أن يؤخذ هذا على إطلاقه بل لابد من زيادة على قولهم إن الجرح مقدم على التعديل
ونقصان من قولهم كلام النظير في النظير مردود
والقاعدة معقودة لهذه الجملة ولم ينح ابن عبد البر فيما يظهر سواها وإلا لصرح بأن كلام العلماء بعضهم في بعض مردود أو لكان كلامه غير مفيد فائدة زائدة على ما ذكره الناس ولكن عبارته كما ترى قاصرة عن المراد
فإن قلت فما العبارة الوافية بما ترون
قلت ما عرفناك أولا من أن الجارح لا يقبل منه الجرح وإن فسره في حق من غلبت طاعاته على معاصيه ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة في الذى جرحه من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية كما يكون من النظراء أو غير ذلك فنقول مثلا لا يلتفت إلى كلام ابن أبي ذيب في مالك وابن معين في الشافعي والنسائي في أحمد بن صالح لأن هؤلاء أئمة مشهورون صار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب لو صح لتوفرت الدواعي على نقله وكان القاطع قائما على كذبه
ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك وإليه أشار الرافعي بقوله وينبغي أن يكون المزكون برآء من الشحناء والعصبية في المذهب خوفا من أن يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق وقد وقع هذا لكثير من الأئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب وقد أشار شيخ الإسلام سيد المتأخرين تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح إلى هذا الإسلام سيد المتأخرين تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح إلى هذا وقال أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام
قلت ومن أمثلة ما قدمنا قول بعضهم في البخاري تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ فيالله والمسلمين أيجوز لأحد أن يقول البخاري متروك وهو حامل
لواء الصناعة ومقدم أهل السنة والجماعة ثم يالله والمسلمين أتجعل ممادحه مذام فإن الحق في مسألة اللفظ معه إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين في أن تلفظه من أفعاله الحادثة التي هي مخلوقة لله تعالى وإنما أنكرها الإمام أحمد رضي الله عنه لبشاعة لفظها
ومن ذلك قول بعض المجسمة في أبي حاتم ابن حبان لم يكن له كبير دين نحن أخرجناه من سجستان لأنه أنكر الحد لله فياليت شعري من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدودا أو من ينزهه عن الجسمية
وأمثلة هذا تكثر وهذا شيخنا الذهبي رحمه الله من هذا القبيل له علم وديانة وعنده على أهل السنة تحمل مفرط فلا يجوز أن يعتمد عليه
ونقلت من خط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائي رحمه الله ما نصه الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا إلى أهل الإثبات فإذا ترجم واحدا منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ويبالغ في وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ويكثر من قول من طعن فيه ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده دينا وهو لا يشعر ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها وكذلك فعله في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته والله يصلحه ونحو ذلك وسببه المخالفة في العقائد
انتهى
والحال في حق شيخنا الذهبي أزيد مما وصف وهو شيخنا ومعلمنا غير أن الحق أحق أن يتبع وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر منه
وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم الذين حملوا لنا الشريعة النبوية فإن غالبهم أشاعرة وهو إذا وقع بأشعري لا يبقي ولا يذر
والذي أعتقده أنهم خصماؤه يوم القيامة عند
من لعل أدناهم عنده أوجه منه فالله المسئول أن يخفف عنه وأن يلهمهم العفو عنه وأن يشفعهم فيه
والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه
وأما قول العلائي رحمه الله دينه وورعه وتحريه فيما يقوله فقد كنت أعتقد ذلك وأقول عند هذه الأشياء إنه ربما اعتقدها دينا ومنها أمور أقطع بأنه يعرف بأنها كذب وأقطع بأنه لا يختلقها وأقطع بأنه يحب وضعها في كتبه لتنتشر وأقطع بأنه يحب أن يعتقد سامعها صحتها بغضا للمتحدث فيه وتنفيرا للناس عنه مع قلة معرفته بمدلولات الألفاظ ومع اعتقاده أن هذا مما يوجب نصر العقيدة التي يعتقدها هو حقا ومع عدم ممارسته لعلوم الشريعة غير أني لما أكثرت بعد موته النظر في كلامه عند الاحتياج إلى النظر فيه توقفت في تحريه فيما يقوله ولا أزيد على هذا غير الإحالة على كلامه فلينظر كلامه من شاء ثم يبصر هل الرجل متحر عند غضبه أو غير متحر وأعنى بغضبه وقت ترجمته لواحد من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية فإني أعتقد أن الرجل كان إذا مد القلم لترجمة أحدهم غضب غضبا مفرطا ثم قرطم الكلام ومزقه وفعل من التعصب مالا يخفى على ذي بصيرة ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها ودائما أتعجب من ذكره الإمام فخر الدين الرازي في كتاب الميزان في الضعفاء وكذلك السيف الآمدي وأقول يالله العجب هذان لا رواية لهما ولا جرحهما أحد ولا سمع من أحد أنه ضعفهما فيما ينقلانه من علومهما فأي مدخل لهما في هذا الكتاب ثم إنا لم نسمع أحدا يسمي الإمام فخر الدين بالفخر بل إما الإمام وإما ابن الخطيب وإذا ترجم كان في المحمدين فجعله في حرف الفاء وسماه الفخر ثم حلف في آخر الكتاب
أنه لم يتعمد فيه هوى نفسه فأي هوى نفس أعظم من هذا فإما أن يكون ورى في يمينه أو استثنى غير الرواة فيقال له فلم ذكرت غيرهم وإما أن يكون اعتقد أن هذا ليس هوى نفس وإذا وصل إلى هذا الحد والعياذ بالله فهو مطبوع على قلبه
ولنعد إلى ما كنا بصدده فنقول
فإن قلت قولكم لابد من تفقد حال العقائد هل تعنون به أنه لا يقبل قول مخالف عقيدة فيمن خالفه مطلقا سواء السني على المبتدع وعكسه أو غير ذلك قلت هذا مكان معضل يجب على طالب التحقيق التوقف عنده لفهم ما يلقى عليه وأن لا يبادر لإنكار شيء قبل التأمل فيه
واعلم أنا عنينا ما هو أعم من ذلك ولسنا نقول لا تقبل شهادة السني عن المبتدع مطلقا معاذ الله ولكن نقول من شهد على آخر وهو مخالف له في العقيدة أوجبت مخالفته له في العقيدة ريبة عند الحاكم المنتصر لا يجدها إذا كانت الشهادة صادرة من غير مخالف في العقيدة ولا ينكر ذلك إلا فدم أخرق
ثم المشهود به يختلف باختلاف الأحوال والأغراض فربما وضح غرض الشاهد على المشهود عليه إيضاحا لا يخفى على أحد وذلك لقربه من نصر معتقده أو ما أشبه ذلك وربما دق وغمض بحيث لا يدركه إلا الفطن من الحكام ورب شاهد من أهل السنة ساذج قد مقت المبتدع مقتا زائدا على ما يطلبه الله منه وأساء الظن به إساءة أوجبت له تصديق ما يبلغه عنه فبلغه عنه شئ فغلب على ظنه صدقه لما قدمناه فشهد به فسبيل الحاكم التوقف في مثل هذا إلى أن يتبين له الحال فيه وسبيل الشاهد الورع ولو كان من أصلب أهل السنة أن يعرض على نفسه ما نقل له عن هذا المبتدع وقد صدقه وعزم على أن شهد عليه به أن يعرض على نفسه مثل هذا الخبر بعينه وهذا المخبر بعينه لو كان عن شخص من أهل عقيدته هل كان يصدقه وبتقدير أنه كان يصدقه فهل كان يبادر إلى الشهادة عليه به وبتقدير أنه كان يبادر فليوازن ما بين المبادرتين فإن وجدهما سواء فدونه وإلا فليعلم أن حظ النفس داخله وأزيد من ذلك أن الشيطان استولى عليه
فخيل له أن هذه قربة وقيام في نصر الحق وليعلم من هذه سبيله أنه أتى من جهل وقلة دين
وهذا قولنا في سني يجرح مبتدعا فما الظن بمبتدع يجرح سنيا كما قدمناه
وفي المبتدعة لا سيما المجسمة زيادة لا توجد في غيرهم وهو أنهم يرون الكذب لنصرة مذهبهم والشهادة على من يخالفهم في العقيدة بما يسوءه في نفسه وماله بالكذب تأييدا لاعتقادهم ويزداد حنقهم وتقربهم إلى الله بالكذب عليه بمقدار زيادته في النيل منهم فهؤلاء لا يحل لمسلم أن يعتبر كلامهم
فإن قلت أليس أن الصحيح في المذهب قبول شهادة المبتدع إذا لم نكفره قلت قبول شهادته لا يوجب دفع الريبة عند شهادته على مخالفه في العقيدة والريبة توجب الفحص والتكشف والتثبت وهذه أمور تظهر الحق إن شاء الله تعالى إذا اعتمدت على ما ينبغي
وفي تعليقة القاضي الحسين لا يجوز أن يبغض الرجل لأنه من مذهب كذا فإن ذلك يوجب رد الشهادة
انتهى
ومراده لأنه من مذهب من المذاهب المقبولة أما إذا أبغضه لكونه مبتدعا فلا ترد شهادته
واعلم أن ما ذكرناه من قبول شهادة المبتدع هو ما صححه النووي وهو مصادم لنص الشافعي على عدم قبول الخطابية وهي طريقة الأصحاب وأصحاب هذه الطريقة يقولون لو شهد خطابي وذكر في شهادته ما يقطع احتمال الاعتماد على قول المدعي بأن قال سمعت فلانا يقر بكذا لفلان أو رأيته أقرضه قبلت شهادته وهذا منهم بناء على أن الخطابي يرى جواز الشهادة لصاحبه إذا سمعه يقول لي على فلان كذا فصدقه وإليه أشار الشافعي
وقد تزايد الحال بالخطابية وهم المجسمة في زماننا هذا فصاروا يرون الكذب على مخالفيهم في العقيدة لا سيما القائم عليهم بكل ما يسوءه في نفسه وماله
وبلغني أن كبيرهم استفتى في شافعي أيشهد عليه بالكذب فقال ألست تعتقد أن دمه حلال قال نعم قال فما دون ذلك دون دمه فاشهد وادفع فساده عن المسلمين
فهذه عقيدتهم ويرون أنهم المسلمون وأنهم أهل السنة ولو عدوا عددا لما بلغ علماؤهم ولا عالم فيهم على الحقيقة مبلغا يعتبر ويكفرون غالب علماء الأمة ثم يعتزون إلى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وهو منهم برئ ولكنه كما قال بعض العارفين ورأيته بخط الشيخ تقى الدين ابن الصلاح إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما وهما بريان منهم أحمد ابن حنبل ابتلي بالمجسمة وجعفر الصادق ابتلي بالرافضة
ثم هذا الذي ذكرناه هو على طريقة النووي رحمه الله والذي أراه أن لا تقبل شهادتهم على سني
فإن قلت هل هذا رأى الشيخ أبي حامد ومن تابعه أن أهل الأهواء كلهم لا تقبل لهم شهادة
قلت لا بل هذا قول بأن شهادتهم على مخالفيهم في العقيدة غير مقبولة ولو كان مخالفهم في العقيدة مبتدعا وهذا لا أعتقد أن النووي ولا غيره يخالف فيه والذي قاله النووي قبول شهادة المبتدع إذا لم نكفره على الجملة أما أن شهادته تقبل بالنسبة إلى مخالفه في العقيدة مع ما هناك من الريبة فلم يقل النووي ولا غيره ذلك
فإن قلت غاية المخالفة في العقيدة أن توجب عداوة وهي دينية فلا توجب رد الشهادة
قلت إنما لا توجب رد الشهادة من المحق على المبطل كما قال الأصحاب تقبل شهادة السني على المبتدع وكذا من أبغض الفاسق لفسقه ثم سأعرفك ما فيه وأما عكسه وهو المبتدع على السني فلم يقله أحد من أصحابنا
ثم أقول في ما ذكره الأصحاب من قبول شهادة السني على المبتدع إنما ذلك في سني لم يصل في حق المبتدع وبغضه له إلى أن يصير عنده حظ نفس قد يحمله على التعصب عليه وكذا الشاهد على الفاسق فمن وصل من السني والشاهد على الفاسق إلى هذا الحد
لم أقبل شهادته عليه لأن عندهما زيادة على ما طلبه الشارع منهما أوجبت عندي الريبة في أمرهما فكم من شاهد رأيته يبغض إنسانا ويشهد عليه بالفسق تدينا وجاءني وأدى الشهادة عندي باكيا وقت تأديته الشهادة على الدين فرقا خائفا أن يخسف بالمسلمين لوجود المشهود عليه بين أظهرنا
وأنا والذي نفسي بيده أعتقد وأتيقن أن المشهود عليه خير منه ولا أقول إنه كذب عليه عامدا بل إنه بنى على الظن وصدق أقوالا ضعيفة أبغض المشهود عليه بسببها فمنذ أبغضه لحقه هوى النفس واستولى عليه الشيطان وصار الحامل له في نفس الأمر حظ نفسه وفيما يخطر له الدين
هذا ما شاهدته وأبصرته ولي في القضاء سنين عديدة فليتق الله امرؤ وقف على حفرة من حفر النار فلا حول ولا قوة إلا بالله قد جعلني الله قاضيا ومحدثا وقد قال ابن دقيق العيد أعراض الناس حفرة من حفر النار وقف عليها المحدثون والحكام
ومما يؤيد ما قلته أن أصحابنا قالوا من استباح دم غيره من المسلمين ولم يقدر على قتله فشهد عليه بقتل لم يقتل ذكره الروياني في البحر في باب من تجوز شهادته نقلا عن بعض أصحابنا ساكتا عليه ولا يعرف في المذهب خلافه فإن قلت قد قال عقيبة ومن شتم متأولا ثم شهد عليه قبل أو غير متأول فلا
قلت يعني بالقبول بعد الشتم متأولا الشهادة بأمر معين ونحن نعلم أنه لا يحمله عليها بغض فليس كمن وصفناه
ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح أيضا حال الجارح في الخبرة بمدلولات الألفاظ فكثيرا ما رأيت من يسمع لفظة فيفهمها على غير وجهها
والخبرة بمدلولات الألفاظ ولا سيما الألفاظ العرفية التي تختلف باختلاف عرف الناس وتكون في بعض الأزمنة مدحا وفي بعضها ذما أمر شديد لا يدركه إلا قعيد بالعلم
ومما ينبغي أن يتفقد أيضا حاله في العلم بالأحكام الشرعية فرب جاهل ظن الحلال حراما فجرح به ومن هنا أوجب الفقهاء التفسير ليتوضح الحال
وقال الشافعي رضي الله عنه حضرت بمصر رجلا مزكيا يجرح رجلا فسئل عن سببه وألح عليه فقال رأيته يبول قائما
قيل وما في ذلك قال يرد الريح من رشاشه على يده وثيابه فيصلي فيه
قيل هل رأيته قد أصابه الرشاش وصلى قبل أن يغسل ما أصابه قال لا ولكن أراه سيفعل
قال صاحب البحر وحكي أن رجلا جرح رجلا وقال إنه طين سطحه بطين استخرج من حوض السبيل
ومما ينبغي أيضا تفقده وقد نبه عليه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد الخلاف الواقع بين كثير من الصوفية وأصحاب الحديث فقد أوجب كلام بعضهم في بعض كما تكلم بعضهم في حق الحارث المحاسبي وغيره وهذا في الحقيقة داخل في قسم مخالفة العقائد وإن عده ابن دقيق العيد غيره
والطامة الكبرى إنما هي في العقائد المثيرة للتعصب والهوى نعم وفي المنافسات الدنيوية على حطام الدنيا وهذا في المتأخرين أكثر منه في المتقدمين وأمر العقائد سواء في الفريقين
وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أن كتب شرح صحيح مسلم للشيخ محيي الدين النووي وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات فإن النووي أشعري العقيدة فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه
وهذا عندي من كبائر الذنوب فإنه تحريف للشريعة وفتح باب لا يؤمن معه بكتب الناس وما في أيديهم من المصنفات فقبح الله فاعله وأخزاه وقد كان في غنية عن كتابة هذا الشرح وكان الشرح في غنية عنه
ولنعد إلى الكلام في الجارحين على النحو الذي عرفناك
فإن قلت فهذا يعود بالجرح على الجارح حيث جرح لا في موضعه
قلت أما من تكلم بالهوى ونحوه فلا شك فيه وأما من تكلم بمبلغ ظنه فهنا
وقفة محتومة على طالب التحقيقات ومزلة تأخذ بأقدام من لا يبرأ عن حوله وقوته ويكل أمره إلى عالم الخفيات
فنقول لا شك أن من تكلم في إمام استقر في الأذهان عظمته وتناقلت الرواة ممادحه فقد جر الملام إلى نفسه ولكنا لا نقضي أيضا على من عرفت عدالته إذا جرح من لم يقبل منه جرحه إياه بالفسق بل نجوز أمورا أحدها أن يكون واهما ومن ذا الذي لا يهم والثاني أن يكون مؤولا قد جرح بشئ ظنه جارحا ولا يراه المجروح كذلك كاختلاف المجتهدين
والثالث أن يكون نقله إليه من يراه هو صادقا ونراه نحن كاذبا وهذا لاختلافنا في الجرح والتعديل فرب مجروح عند عالم معدل عند غيره فيقع الاختلاف في الاحتجاج حسب الاختلاف في تزكيته فلم يتعين أن يكون الحامل للجارح على الجرح مجرد التعصب والهوى حتى يجرحه بالجرح
ومعنا أصلان نستصحبهما إلى أن نتيقن خلافهما أصل عدالة الإمام المجروح الذي قد استقرت عظمته وأصل عدالة الجارح الذي يثبت فلا يلتفت إلى جرحه ولا نجرحه بجرحه
فاحفظ هذا المكان فهو من المهمات
فإن قلت فهل ما قررتموه مخصص لقول الأئمة إن الجرح مقدم لأنكم تستثنون جارحا لمن هذا شأنه قد ندر بين المعدلين قلت لا فإن قولهم الجرح مقدم إنما يعنون به حالة تعارض الجرح والتعديل فإذا تعارضا لأمر من جهة الترجيح قدمنا الجرح لما فيه من زيادة العلم وتعارضهما هو تعارضا لأمر من جهة الترجيح قدمنا الجرح لما فيه من زيادة العلم وتعارضهما هو استواء الظن عندهما لأن هذا شأن المتعارضين أما إذا لم يقع استواء الظن عندهما فلا تعارض بل العمل بأقوى الظنين من جرح أو تعديل
وما نحن فيه لم يتعارضا لأن غلبة الظن بالعدالة قائمة وهذا كما أن عدد الجارح إذا كان أكثر قدم الجرح
إجماعا لأنه لا تعارض والحالة هذه ولا يقول منا أحد بتقديم التعديل لا من قال بتقديمه عند التعارض ولا غيره
وعبارتنا في كتابنا جمع الجوامع وهو مختصر جمعناه في الأصلين جمع فأوعى والجرح مقدم إن كان عدد الجارح أكثر من المعدل إجماعا وكذا إن تساويا أو كان الجارح أقل وقال ابن شعبان بطلب الترجيح
انتهى
وفيه زيادة على ما في مختصرات أصول الفقه فإنا نبهنا فيه على مكان الإجماع ولم ينبهوا عليه وحكينا فيه مقالة ابن شعبان من المالكية وهي غريبة لم يشيروا إليها وأشرنا بقولنا يطلب الترجيح إلى أن النزاع إنما هو في حالة التعارض لأن طلب الترجيح إنما هو في تلك الحالة
وهذا شأن كتابنا جمع الجوامع نفع الله به غالبا ظننا أن في كل مسألة فيه زيادات لا توجد مجموعة في غيره مع البلاغة في الاختصار
إذا عرفت هذا علمت أنه ليس كل جرح مقدما
وقد عقد شيخنا الذهبي رحمه الله تعالى فصلا في جماعة لا يعبأ بالكلام فيهم بل هم ثقات على رغم أنف من تفوه فيهم بما هم عنه برآء ونحن نورد في ترجمته محاسن ذلك الفصل إن شاء الله
ولنختم هذه القاعدة بفائدتين عظيمتين لا يراهما الناظر أيضا في غير كتابنا هذا
إحداهما أن قولهم لا يقبل الجرح إلا مفسرا إنما هو أيضا في جرح من ثبتت عدالته واستقرت فإذا أراد رافع رفعها بالجرح قيل له ائت ببرهان على هذا أو فيمن لم يعرف حاله ولكن ابتدره جارحان ومزكيان فيقال إذ ذاك للجارحين فسرا ما رميتماه به
أما من ثبت أنه مجروح فيقبل قول من أطلق جرحه لجريانه على الأصل المقرر عندنا ولا نطالبه بالتفسير إذ لا حاجة إلى طلبه
والفائدة الثانية أنا لا نطلب التفسير من كل أحد بل إنما نطلبه حيث يحتمل الحال شكا إما لاختلاف في الاجتهاد أو لتهمة يسيرة في الجارح أو نحو ذلك مما لا يوجب
سقوط قول الجارح ولا ينتهي إلى الاعتبار به على الإطلاق بل يكون بين بين أما إذا انتفت الظنون واندفعت التهم وكان الجارح خبرا من أحبار الأمة مبرأ عن مظان التهمة أو كان المجروح مشهورا بالضعف متروكا بين النقاد فلا نتلعثم عند جرحه ولا نحوج الجارح إلى تفسير بل طلب التفسير منه والحالة هذه طلب لغيبة لا حاجة إليها
فنحن نقبل قول ابن معين في إبراهيم بن شعيب المدنى شيخ روى عنه ابن وهب إنه ليس بشئ وفي إبراهيم بن يزيد المدني إنه ضعيف وفي الحسين بن الفرج الخياط إنه كذاب يسرق الحديث وعلى هذا وإن لم يبين الجرح لأنه إمام مقدم في هذه الصناعة جرح طائفة غير ثابتي العدالة والثبت ولا نقبل قوله في الشافعي ولو فسر وأتى بألف إيضاح لقيام القاطع على أنه غير محق بالنسبة إليه
فاعتبر ما أشرنا إليه في ابن معين وغيره واحتفظ بما ذكرناه تنتفع به
ويقرب من هذه القاعدة التي ذكرناها في الجرح والتعديل
قاعدة في المؤرخين
نافعة جدا فإن أهل التاريخ ربما وضعوا من أناس ورفعوا أناسا إما لتعصب أو لجهل أو لمجرد اعتماد على نقل من لا يوثق به أو غير ذلك من الأسباب
والجهل في المؤرخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل وكذلك التعصب قل أن رأيت تاريخا خاليا من ذلك
وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط لا واخذه الله فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين ومال فأفرط على الأشاعرة ومدح فزاد في المجسمة هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجل فما ظنك بعوام المؤرخين فالرأي عندنا ألا يقبل مدح ولا ذم من المؤرخين إلا بما اشترطه إمام الأئمة وحبر الأمة وهو الشيخ الإمام الوالد رحمه الله حيث قال ونقلته من خطه في مجاميعه
يشترط في المؤرخ الصدق وإذا نقل يعتمد اللفظ دون المعنى وألا يكون ذلك الذي نقله أخذه في المذاكرة وكتبه بعد ذلك وأن يسمى المنقول عنه فهذه شروط أربعة فيما ينقله
ويشترط فيه أيضا لما يترجمه من عند نفسه ولما عساه يطول في التراجم من المنقول ويقصر أن يكون عارفا بحال صاحب الترجمة علما ودينا وغيرهما من الصفات وهذا عزيز جدا وأن يكون حسن العبارة عارفا بمدلولات الألفاظ وأن يكون حسن التصور حتى يتصور حال ترجمته جميع حال ذلك الشخص ويعبر عنه بعبارة لا تزيد عليه ولا تنقص عنه وأن لا يغلبه الهوى فيخيل إليه هواه الإطناب في مدح من يحبه والتقصير في غيره بل إما أن يكون مجردا عن الهوى وهو عزيز وإما أن يكون عنده من العدل ما يقهر به هواه ويسلك طريق الإنصاف
فهذه أربعة شروط أخرى ولك أن تجعلها خمسة لأن حسن تصوره وعلمه قد لا يحصل معهما الاستحضار حين التصنيف فيجعل حضور التصور زائدا على حسن التصور والعلم فهي تسعة شروط في المؤرخ وأصعبها الاطلاع على حال الشخص في العلم فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه والقرب منه حتى يعرف مرتبته انتهى
وذكر أن كتابته لهذه الشروط كانت بعد أن وقف على كلام ابن معين في الشافعي وقول أحمد بن حنبل إنه لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقول
قلت وما أحسن قوله ولما عساه يطول في التراجم من المنقول ويقصر فإنه أشار به إلى فائدة جليلة يغفل عنها كثيرون ويحترز منها الموفقون وهي تطويل التراجم وتقصيرها فرب محتاط لنفسه لا يذكر إلا ما وجده منقولا ثم يأتي إلى من يبغضه فينقل جميع ما ذكر من مذامه ويحذف كثيرا مما نقل من ممادحه ويجئ إلى من يحبه فيعكس الحال فيه ويظن المسكين أنه لم يأت بذنب لأنه ليس يجب عليه تطويل ترجمة أحد ولا استيفاء ما ذكر من ممادحه ولا يظن المغتر أن تقصيره لترجمته بهذه النية استزراء به وخيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين في تأدية ما قيل
في حقه من حمد وذم فهو كمن يذكر بين يديه بعض الناس فيقول دعونا منه وإنه عجيب أو الله يصلحه فيظن أنه لم يغتبه بشئ من ذلك وما يظن أن ذلك من أقبح الغيبة
ولقد وقفت في تاريخ الذهبي رحمه الله على ترجمة الشيخ الموفق بن قدامة الحنبلي والشيخ فخر الدين بن عساكر وقد أطال تلك وقصر هذه وأتى بما لا يشك لبيب أنه لم يحمله على ذلك إلا أن هذا أشعري وذاك حنبلي وسيقفون بين يدي رب العالمين
وكذلك ما أحسن قول الشيخ الإمام وأن لا يغلبه الهوى فإن الهوى غلاب إلا لمن عصمه الله
وقوله فإما أن يتجرد عن الهوى أو يكون عنده من العدل ما يقهر به هواه عندنا فيه زيادة فنقول
قد لا يتجرد عن الهوى ولكن لا يظنه هوى بل يظنه لجهله أو بدعته حقا وذلك لا يتطلب ما يقهر هواه لأن المستقر في ذهنه أنه محق وهذا كما يفعل كثير من المتخالفين في العقائد بعضهم في بعض فلا ينبغي أن يقبل قول مخالف في العقيدة على الإطلاق إلا أن يكون ثقة وقد روى شيئا مضبوطا عاينه أو حققه
وقولنا مضبوطا احترزنا به عن رواية ما لا ينضبط من الترهات التي لا يترتب عليها عند التأمل والتحقق شئ
وقولنا عاينه أو حققه ليخرج ما يرويه عمن غلا أو رخص ترويجا لعقيدته
وما أحسن اشتراطه العلم ومعرفة مدلولات الألفاظ فلقد وقع كثيرون لجهلهم بهذا وفي كتب المتقدمين جرح جماعة بالفلسفة ظنا منهم أن علم الكلام فلسفة إلى أمثال ذلك مما يطول عده
فقد قيل في أحمد بن صالح الذي نحن في ترجمته إنه يتفلسف والذي قال هذا لا يعرف الفلسفة
وكذلك قيل في أبى حاتم الرازي وإنما كان رجلا متكلما
وقريب من هذا قول الذهبي في المزي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة المزي في الطبقة السابعة أنه يعرف مضايق المعقول ولم يكن المزي ولا الذهبي يدريان شيئا من المعقول
والذي أفتي به أنه لا يجوز الاعتماد على كلام شيخنا الذهبي في ذم أشعري ولا شكر حنبلي والله المستعان
توفي أحمد بن صالح سنة ثمان وأربعين ومائتين
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 2- ص: 6
أحمد بن صالح [صح، خ]، أبو جعفر المصري الحافظ الثبت، أحد الأعلام، آذى النسائي نفسه بكلامه فيه، ولد سنة سبعين ومائة، وحدث عن ابن عيينة وابن وهب وخلق.
وآخر من حدث عنه ابن أبي داود /.
قال ابن نمير: قال أبو نعيم: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى - يريد أحمد بن صالح.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سألني أحمد بن حنبل من خلفت بمصر؟ قلت: أحمد ابن صالح.
فسر بذكره، ودعا له.
وقال الفسوي: كتبت عن ألف شيخ وكسر، ما أحد منهم أتخذه عند الله
حجة إلا أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح.
وقال البخاري: أحمد بن صالح ثقة، ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة.
وقال ابن وارة: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، ومحمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران - هؤلاء أركان الدين.
وقال أبو حاتم والعجلي وجماعة: ثقة.
وقال أبو داود: كان يقوم كل لحن في الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
قال أبو سعيد بن يونس: لم يكن أحمد عندنا بحمد الله كما قال النسائي: لم يكن به آفة غير الكبر.
وقال النسائي أيضا: تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن معين بالكذب.
قال بن عدي: كان النسائي سيئ الرأي فيه، وأنكر عليه أحاديث، فسمعت محمد بن هارون البرقي يقول: هذا الخراساني يتكلم في أحمد بن صالح، لقد حضرت مجلس أحمد، فطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه إلى أن قال ابن عدي: ولولا أنى شرطت في كتابي أن أذكر كل من تكلم فيه لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.
وقال معاوية بن صالح، عن ابن معين: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف، رأيته يخطر في جامع مصر، وأخبار أحمد قد سقت أكثرها في تاريخ الإسلام، ووقع حديثه لنا عاليا.
مات سنة ثمان وأربعين ومائتين.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 1- ص: 103
أحمد بن صالح المصري الحافظ: ثقة، لم يتكلم فيه النسائي بحجة. -خ-
مكتبة النهضة الحديثة - مكة-ط 2( 1967) , ج: 1- ص: 5
أحمد بن صالح، أبو جعفر، المصري.
مات في ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين ومئتين.
سمع ابن وهب، وعنبسة بن خالد.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 1
أحمد بن صالح، أبو جعفر المصري.
توفي سنة ثمان وأربعين.
مكتبة الكوثر-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 31
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر الحافظ
ويعرف بابن الطبري
كان أحد الحفاظ المبرزين والأئمة المذكورين
روى عن عفان بن مسلم وعبد الرزاق وعدة
وعنه البخاري وأبو داود وابنه أبو بكر وهو آخر من حدث عنه
قال الفضل بن دكين ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز منه
وقال أحمد هوأعرف الناس بأحاديث ابن شهاب
وقال صالح بن محمد بن حبيب لم يكن بمصر أحد يحسن الحديث ويحفظه غيره وكان يعقل الحديث ويعرف الفقه والنحو ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وأهل العراق ويذاكر بحديث الزهري ويحفظه
وقال ابن نمير هو واحد الناس في علم الحجاز والمغرب
وقال محمد بن مسلم بن وارة أحمد بن صالح بمصر وأحمد بن حنبل ببغداد وابن نمير بالكوفة والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين
وقال غيره كان من حفاظ الحديث واعياً رأسا في الحديث وعلله تكلم فيه النسائي بلا حجة
مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين ومولده سنة سبعين ومائة
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 219
أحمد بن صالح أبو جعفر بن الطبري المصري
الحافظ سمع بن عيينة وابن وهب وعنه البخاري وأبو داود وابن أبي داود وآخرون كتب عن ابن وهب خمسين ألف حديث قال صالح جزرة كان رجلاً جامعاً يحفظ ويعرف الفقه والحديث والنحو مات 248 قلت هو ثبت في الحديث خ د
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح الطبري
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 82
(خ د تم) أحمد بن صالح المصري المعرف بابن الطبري.
قال الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي في كتاب ’’ الإرشاد ’’ تأليفه: ابن صالح ثقة حافظ وقد اتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه، وقد نقم على النسائي كلامه فيه.
وفي كتاب أبي العرب حافظ القيروان: قال أبو الطاهر: أحمد بن محمد بن عثمان المدني، وكان بمصر من أهل المعرفة بالحديث والرجال: أحمد بن صالح أبو جعفر ليس يساوي شيئا.
وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة.
[وقال الكجي في ’’ تاريخ القدس ’’: كان إماما ثقة، أحفظ حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث بمصر. أقام بمصر وانتشر عند أهلها علمه.
وقال أبو محمد ابن الأخضر: أحد الحفاظ والعلماء بعلل الحديث واختلافه.
قال: وقال البغوي: كان حافظا.
قال أبو سعيد الطبراني في ’’ تاريخه ’’: سمعت ابن معين يقول: أحمد بن صالح سمع من ابن وهب وهو صغير. وقال الحاكم: كان أحد أئمة أهل المغرب].
وقال ابن بكير: سألت الدارقطني عنه، فقال: ثقة.
ونقل أبو الفرج بن الجوزي عن أبي الحسن الدارقطني تضعيفه.
وقال القاضي أبو بكر المعافري في كتابه ’’ الأحوذي ’’ شرح الترمذي: هو إمام ثقة من أئمة المسلمين لا يؤثر فيه تجريح، وإن هذا القول يحط من النسائي أكثر ما حط من أحمد بن صالح.
وقال ابن خلفون في ’’ المعلم ’’: هو أحد الأئمة في الحديث، كان من أحفظ الناس لحديث الزهري، ذكره أبو جعفر النحات، فقال: أحد الأئمة الثقات. وقال الصدفي: سألت أبا الحسن محمد بن محمد الباهلي عن أحمد بن صالح فقال: ثقة إمام من أئمة المسلمين.
وقال أبو عمر النمري: أحمد ثقة صالح مأمون أحد أئمة الحديث، لا يقبل فيه قول النسائي كان أبو زرعة يعده في أئمة الحديث، وذكر الصولي في تاريخ مصر شعرا أنه لما مات رثاه محمد بن داود الواسطي من أبيات:
أحمد لا تبعدن دار بعدت | بفقدك الفائدات والطرف |
يا فارس العلم بالحديث ويا | من على فكيه روضة أنف |
يا بحر علم غاص التراب به | يروي لديه الورى إذا اغترفوا |
وزعت بالزهد والقناعة والاحمال | زرعا ثماره الشرف |
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح أبو جعفر المصري
يروي عن ابن عيينة وعنبسة بن خالد وابن وهب روى عنه عثمان بن سعيد الدارمي مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين وكان أبوه من بخارا وكان أحمد هذا في الحديث وحفظه ومعرفة التاريخ وأسباب المحدثين عند أهل مصر كأحمد بن حنبل عند أصحابنا بالعراق ولكنه كان صلفا تياها لا يكاد يعرف أقدار من يختلف إليه فكان يحسد على ذلك والذي روى معاوية بن صالح الأشعري عن يحيى بن معين أن أحمد بن صالح كذاب فإن ذاك أحمد بن صالح الشمومي شيخ كان بمكة يضع الحديث سأل معاوية بن صالح يحيى بن معين عنه فأما هذا فإنه مقارن يحيى بن معين في الحفظ والإتقان كان أحفظ بحديث المصريين والحجازيين من يحيى بن معين وكان بينه وبين محمد بن يحيى النيسابوري معارضة لصلفه عليه وكذلك أبو زرعة الرازي دخل عليه مسلما فلم يحدثه فوقع بينهما ما يقع بين الناس وإن من صحت عدالته وكثر رعايته بالسنن والأخبار والتفقه فيها لما يجرى أن لا تخرج لصلف يكون في تيه وجد منه ومن الذي يتعرى عن موضع عقب من الناس أو من لا يدخل في جملة من لا يلزق فيه العيب بعد العيب وأما ما حكى عنه في قصة حور العين فإن ذلك كذب وزور وبهتان وإفك عليه وذاك أنه لم يكن يتعاطى الكلام ولا يخوض فيه والمحسود أبدا يقدح فيه لأن الحاسد لا غرض له إلا تتبع مثالب المحسود فإن لم يجد ألزق مثله به
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 8- ص: 1
أحمد بن صالح مصري
ثقة يكنى أبا جعفر صاحب سنة
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح أبو جعفر المصري
يروي عن ابن وهب
قال النسائي ليس بثقة وقال الدارقطني ضعيف وقال يحيى بن معين رأيته كذابا
قال المصنف وقد أثنى عليه أحمد بن حنبل وأبو نعيم وحدث عنه البخاري فلا يلتفت حينئذٍ إلى التضعيف المطلق
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح (خ، د)
الإمام الحافظ، أبو جعفر الطبري ثم المصري، أحد الأعلام قال ابن يونس: كان صالح من أجناد طبرستان، فولد له أحمد بمصر في سنة سبعين ومئة.
سمع: ابن عيينة، وابن وهب، وابن أبي فديك، وعبد الرزاق، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وأبو داود، وصالح جزرة، وأبو إسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق.
قال صالح جزرة: لم يكن بمصر من يحسن الحديث غيره، وكان جامعاً يعرف الفقه والحديث والنحو، ويتكلم في حديث الثوري وشعبة والزهري، يدري ذلك.
وقال ابن نمير: إذا جاوزت الفرات فليس أحدٌ مثل أحمد بن صالح.
وقال أبو حاتم: ثقة.
وقال البخاري: ثقة، ما رأيت أحداً يتكلم فيه بحجة.
وقال العجلي: ثقة، صاحب سنة.
وقال ابن وارة: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران، هؤلاء أركان الدين.
وقال الفسوي: كتبت عن ألف شيخٍ وكسر كلهم ثقات، ما أحدٌ منهم أتخذه عند الله حجةً إلا رجلين: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق.
وقال أبو داود: كان يقوم كل لحنٍ في الحديث.
وقال ابن عدي: وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث.
وقال الخطيب: احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح سوى أبي عبد الرحمن النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه، وليس الأمر على ما ذكر النسائي. ويقال: كان آفة أحمد بن صالح الكبر وشراسة الخلق. ونال النسائي منه جفاءٌ في مجلسه، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
قال البخاري وغيره: توفي في ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين ومئتين. رحمه الله تعالى.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1
أحمد بن صالح المصري
أحد الحفاظ، روى عنه وأخرج له (خ). مات سنة ثمان وأربعين ومائتين.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح المصري
مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - لبنان-ط 1( 1985) , ج: 1- ص: 1
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر
روى عن بن عيينة وابن وهب عبد الرزاق. حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك قال وسمعت أبي يقول كتبت عنه بمصر وبدمشق وبأنطاكية. حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول حدثنا أحمد بن صالح فإذا جاوزت الفرات فليس أحد مثله حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن أحمد بن صالح المصري فقال ثقة.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 2- ص: 1