ابن أبي الضياف أحمد بن أبي الضياف التونسي، أبو العباس: وزير، من الكتاب المؤرخين. مولده ووفاته بتونس تقدم في دولة المشير أحمد باي. وولى كتابة السر للامير حسين ابن محمود باي. ووجه في بعض المهام إلى الاستانة. ثم اعتزل الاعمال واجرى له مرتب إلى ارخ حياته. اشتهر بكتابة ’’اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الامان’’ في اربع مجلدات، طبع العقد الاول منه سنة 1319 هـ ، وقد جعله اشبه بمقدمة للكتاب. وله نظم حسن.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 138

ابن أبي الضياف أحمد بن أبي الضياف بن عمر بن أحمد العوني أصله من قبيلة أولاد عون بسليانة، المولود بتونس العاصمة، الفقيه الأديب السياسي المؤرخ.
تلقى تعليمه الابتدائي بزاوية ابن ملوكة خارج باب الفرجاني على شيخه محمد بن صالح بن ملوكة وبعد اجتيازه بسرعة مرحلة التعليم الابتدائي دخل جامع الزيتونة، كما تابع دروسه بجامع صاحب الطابع، ومن شيوخه إبراهيم الرياحي، وأحمد الأبي، ومحمد بن الخوجة، وإسماعيل التميمي، ومحمد بيرم الثالث، ومحمد بن ملوكة، ومحمد البحري بن عبد الستار، وعبد الرحمن الكامل، وغيرهم.
وكان يميل إلى الأدب منذ عهد الطلب يجتمع في أوقات الفراغ مع بعض زملائه لدراسة الكتب الأدبية. ولما استكمل تحصيله تولى خطة العدالة (التوثيق) وله من العمر نحو 18 ثماني عشرة سنة في غرة شوال /1237 جوان 1822، ثم التحق بديوان الإنشاء على عهد حسين باي الثاني في أوائل شوال /1242 أواخر أفريل 1827 على كره من والده، ابتدأ مهمته كاتبا للوزير شاكير صاحب الطابع، وفي نهاية عهد المشير أحمد باي أصبح كاهية باش كاتب.
وفي عهد حسين باي سرت اشاعة أن الدولة العثمانية تريد احتلال تونس من أجل تعاونها مع فرنسا ضد الجزائر فهاج الباي ورأى هو والحاشية المحيطة به إرسال وفد إلى استانبول لتبرير الموقف، فوقع تكليف صاحب الترجمة بهذه المهمة، ومعه رسالة خاصة إلى وزير الحرب ورسالة إلى قائد
الأسطول ومعه رجل ذو خطة عسكرية هو مصطفى البلهوان التركي باش حانبة الترك مصحوبا بمكاتيب في استئذان السلطنة العثمانية لإنشاء العسكر النظامي، ودامت اقامته باستانبول خمسة أشهر، ورجع بعد نجاح مهمته إلى تونس في جمادي الأولى سنة /1247 أكتوبر 1332.
وفي عهد المشير الأول أحمد باشا باي كلفه بمهمة سياسية في استانبول بصحبة الشيخ المسن خير الدين كاهية دار الباشا، وعول الباي في نجاح المهمة على المترجم فاستهول هذا الموقف فأعطاه شيخه إبراهيم الرياحي مكتوبا إلى شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت في توصيته بإعانته في نجاح مهمته، وسافر إلى تركيا للقيام بهذه المهمة في 8 محرم 1252/ 11 مارس 1842.
وفي 16 ذي العقدة 1262/ 6 نوفمبر 1846 سافر إلى فرنسا بصحبة المشير الأول أحمد باشا باي، وقد وصف في تاريخه هذه الرحلة وصفا دقيقا وسجل انطباعاته تسجيلا أمينا.
وعند تولي أحمد باي (10 رجب 1253/ 10 أكتوبر 1837) جعل المترجم كاتب سره (ومن ذلك الحين لازمه هذا اللقب) وعهد إليه بتحرير المكاتيب الهامة، وضمه إلى تلك البطانة من الشبان الذين اصطفاهم وكان يعتمدهم أكثر من «شيوخ الدولة».
ولما صدر قانون عهد الأمان (القانون الدستوري) في دولة المشير الثاني محمد باشا باي في 20 محرم 1274/ 9 سبتمبر 1857 صدر قرار من الباي في اجتماع بعض رجال الشريعة والوزراء ومنهم المترجم بدار الباي بالقصبة يومي الأربعاء والخميس للتحاور في شرح فصول عهد الأمان. وفي عهد المشير الثالث محمد الصادق باي استمرت المداولات حول قانون عهد الأمان لاستنباط القوانين الملائمة لأصوله كالقانون الجنائي، وصدر مكتوب من الباي في مخاطبة الأفراد الموكول إليهم هذه المهمة ومنهم المترجم إذ ورد فيه ما يخصه: «وكاتب سرنا أمير اللواء الشيخ سي أحمد بن أبي الضياف».
وفي سنة 1277/ 1860 سماه الباي من أعضاء المجلس الأكبر، وهو أحد المجالس المنبثقة عن قانون عهد الأمان، ويبدو أنه منذ الأشهر الأخيرة من سنة 1281/ 1864 أبعد عن السلطة أسوة بغيره من كبار المتوظفين وحيكت له الدسائس حتى صار فاقد الحظوة، وبعد سنة 1284/ 1867 لم يعد له أي نشاط ظاهر ورأى نقصا كثيرا في موارده.
وعند ما سمي خير الدين رئيسا للجنة المالية (الكومسيون) في جمادي الأولى 1286/ 16 سبتمبر 1869 ثم وزيرا مباشرا في جانفي 1870 ساعده على الخروج من هذه الوضعية الانعزالية فسمي عضوا في اللجنة المكلفة بمحاسبة الجنرال الوزير أحمد زروق عما وقع لأهل الساحل على يده وما استخلصه منهم من الأموال بمختلف العناوين.
وفي جمادي الأولى /1287 جويلية - أوت 1870 سمي المستشار الأول بالقسم الثالث من الوزارة الكبرى، وهذا القسم له صلاحيات قانونية تتصل بالأحوال الشخصية، ويبدو أنه أنشئ لأجله لأنه بعد استقالته أدمج في القسم الثاني.
كان يلقب بكاتب سر الدولة وبعد وفاته زال هذا اللقب من وظائف الدولة الحسينية، ولم يتول وظيفة باش كاتب بالرغم من كفاءته وأقدميته، ولحقته المضايقات من الوزير الأكبر مصطفى خزنة دار لأنه كان من أنصار خير الدين، وفي خاتمة المطاف تفضل عليه محمد الصادق باي بلقب وزير تغطية لما لحقه من غبن واسترضاء له حرصا على ابقائه في الخدمة ولبث مستمرا على مباشرة الخدمة إلى أن تقدمت به السن وأقعده العجز فاستعفى فأعفي في ذي القعدة /1288 جانفي - فيفري 1872، ولم تعطل جرايته بسعي من صديقه الوزير خير الدين إذ سعى له لدى الأمير محمد الصادق باي في مرتب عمري رعيا لما له من سوالف الخدمات، واشترى منه خير الدين كتبه التي ألحقها بالمكتبة الصادقية (العبدلية) وفي هذه الفترة لازم بيته وتفرغ لتأليف تاريخه.
مؤلفاته:
1) تاريخ يسمى اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الامان وهو في تاريخ تونس في العصور الاسلامية إلى عهده، والقسم الأول منه تلخيص مقتضب لسابقيه لا أصالة فيه، وتبدأ تظهر قيمته منذ تاريخ حمودة باشا الحسيني.
«وهو كتاب هام جدا غني بالوثائق، فيه من المعلومات والأخبار ما يجعله يتمتع بمرتبة خاصة لا يشاركه فيها أي كتاب آخر، أرخ للعهد الذي تدرسه، وذلك على الرغم من أن مؤلفه اتبع التاريخ الحولي لفترة طويلة من تاريخ تونس، وهي تمتد من الفتح الاسلامي إلى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر مع تركيز كثير على العهد الحسيني (يبتدئ سنة 1705) (الدكتور رشاد الامام سياسة حمودة باشا في تونس، ص 35 - 36). وكان مغرما بكتابة لسان الدين بن الخطيب يقلدها ويقتفي آثارها قال الشيخ محمد الهادي العامري: وكان الشيخ صبا بكتابة لسان الدين بن الخطيب لأبعد حد متهافتا على أساليبها مولعا بالنسج على منوالها وربما أغار على بعض رسائل ابن الخطيب ينقلها بحذافيرها ويسندها لقلمه كما فعل في الرسالة التي كتبها على لسان الأمير مصطفى باي إلى الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وهذا - أعني - أسلوب الرسائل للحضرة النبوية من مبتكرات لسان الدين بن الخطيب التي لم يسبق إليها. (تاريخ المغرب العربي في سبعة قرون، ص 356 الهامش ).
ومن جملة مصادره الشفهية والده الذي كان مطلعا على أسرار الدولة ويخبر ابنه عن كثير من الحوادث التي جرت في عهد حمودة باشا ويفسر غوامضها، كما كان يعتمد على رواية بعض المسئولين المعاصرين للأحداث. وهذا الكتاب يقع في 8 ثمانية أجزاء منها 2 جزءان خاصان بالتراجم.
طبعته وزارة الشئون الثقافية بتونس من سنة 1963 إلى 1966 في 8 اجزاء، وهي طبعة غير نقدية، وخالية من التعاليق المفيدة، والفهارس التحليلية، وحقق الباب السادس منه الاستاذ أحمد عبد السلام (تونس 1971)، واعيد نشر الجزء الأول سنة 1976، والثاني سنة 1977، والثالث سنة 1979 بمراجعة وتعليق السيد أحمد الطويلي، وصدرت هذه الاجزاء الثلاثة عن الدار التونسية للنشر، وطبعت مقدمة (العقد الأول) بالمطبعة الرسمية في 1319/ 1901 وقد جعله أشبه بمقدمة الكتاب.
2) رسالة في المرأة تقديم وتحقيق د المنصف الشنوفي في حوليات الجامعة التونسية ع 5 لسنة 1968 ص 149 - 112.
3) المقامة البشرية في الأنوار البشيرية بالمكتبة الوطنية رقم 4346.
المصادر والمراجع:
- الأعلام 1/ 138 - 9 (ط 5/)، ايضاح المكنون 1/ 16، الباب السادس من اتحاف أهل الزمان تحقيق أحمد عبد السلام (تونس 1971) ص 9 - 13، شجرة النور الزكية 394، ابن أبي الضياف حياته نظرات في تاريخه محمد محفوظ (مخطوط مهيأ للطبع بدار أبو سلامة)، عنوان الأريب 2/ 130 - 133، مجمل تاريخ الأدب التونسي 278 - 282، معجم المطبوعات 33، معجم المؤلفين 1/ 255، هدية العارفين 1/ 190، دائرة المعارف الإسلامية (بالفرنسية ط جديدة) 3/ 705 - 706 بقلم أحمد عبد السلام، المؤرخون التونسيون (بالفرنسية) ص 332 - 382، أصول الحماية الفرنسية جان فانباج (بالفرنسية) ص 86 تعليق (83)، خير الدين وزير مصلح المنجي صميدة (بالفرنسية) تونس 1970) ص 388.
- محاولة بيبليوغرافية عن أحمد بن أبي الضياف بقلم أحمد الطويلي في مجلة الهداية ع 1 س 9 ذو القعدة ذو الحجة 1401 سبتمبر - أكتوبر 1981 ص 99 - 100.
- المنصف الشنوفي: رسالة أحمد بن أبي الضياف في المرأة (مخطوط)، ذيل أقدم ترجمة لابن أبي الضياف (تحقيق) بقلم محمد السنوسي، حوليات الجامعة التونسية، ع 5 سنة 1968، ص 49 - 118.

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 3- ص: 264