ابن زيدون أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب ابن زيدون، المخزومي الاندلسي، أبو الوليد: وزير كاتب شاعر، من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور (من ملوك الطوائف بالاندلس)، فكان السفير بينه وبين ملوك الاندلس، فأعجبوا به. وسخط عليه ابن جهور لامر فحبسه، فأستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف، فهرب. واتصل بالمعتضد صاحب اشبيلية فولاه وزارته، وفوض اليه امر مملكته فأقام مبجلا مقربا إلى ان توفي بأشبيلية في ايام المعتمد على الله ابن المعتضد. وفي الكتاب من يلقب ابن زيدون بـ ’’بحتري المغرب’’ وهو صاحب ’’اضحى التنائي بديلا من تدانينا’’ من القصائد المعروفة. واما طبقته في النثر فرفيعة ايضا، وهو صاحب (رسالة ابن زيدون - ط) التهكمية، بعث بها إلى ابن عباس وكان يزاحمه على حب ولادة بنت المستكفي. وله رسالة وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاجن. ويرى المستشرق كور (A. Cour) ان سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لارجاع الامويين.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 158
أحمد بن زيدون أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي أبو الوليد، أثنى عليه ابن بسام في ’’الذخيرة’’ وابن خاقان في ’’قلائد العقيان’’ وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة، برع أدبه وجاد شعره وعلا شأنه وانطلق لسانه ثم انتقل عن قرطبة إلى المعتضد عباد صاحب إشبيلية سنة إحدى وأربعين وأربع مائة فجعله من خواصه يجالسه في خلوته ويركن إلى إشاراته وكان معه في صورة وزير. وكان أولا قد انقطع إلى ابن جهور أحد ملوك الطوائف المغلبين بالأندلس فخف عليه وتمكن منه واعتمد عليه في السفارة بينه وبين ملوك الأندلس، فأعجب به القوم وتمنوا ميله إليهم لبراعته وحسن سيرته، فاتفق أن نقم عليه ابن جهور فحبسه واستعطفه ابن زيدون بفنون النظم والنثر، من ذلك رسالته التي أولها: يا مولاي وسيدي الذي ودادي له واعتمادي عليه واعتدادي به. ومنها: إن سلبتني -أعزك الله- لباس إنعامك، وعطلتني من حلي إيناسك، وأظمأتني إلى برد إسعافك، وغضضت عني طرف حمايتك، بعد أن نظر الأعمى إلى تأميلي فيك، وأحس الجماد باستحمادي لك، وسمع الأصم ثنائي عليك، ولا غرو، فقد يغص بالماء شاربه، ويقتل الدواء المستشفي به، ويؤتى الحذر من مأمنه، وتكون منية المتمني في أمنيته، والحين قد يسبق جهد الحريص.
كل المصائب قد تمر على الفتى | وتهون غير شماتة الحساد |
فقسا ليزجره ومن يك حازما | فليقس أحيانا على من يرحم |
ثلاثة آلاف وعبدا وقينة | وضرب علي بالحسام المسمم |
ليت أشياخي ببدر شهدوا | جزع الخزرج من وقع الأسل |
وحسبك من حادث بامرئ | ترى حاسديه له راحمينا |
الهوى في طلوع تلك النجوم | والمنى في هبوب ذاك النسيم |
سرنا عيشنا الرقيق الحواشي | لو يدوم السرور للمستديم |
أضحى التنائي بديلا عن تدانينا | وآن من طيب دنيانا تلاقينا |
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم | ثوبا مع الدهر لا يبلى ويبلينا |
أن الزمان الذي ما زال يضحكنا | أنسا بقربهم قد عاد يبكينا |
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا | شوقا إليكم ولا جفت مآقينا |
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا | يقضي علينا الأسى لولا تأسينا |
حالت لفقدكم أيامنا فغدت | سودا وكانت بكم بيضا ليالينا |
إذ جانب العيش طلق من تألفنا | ومورد اللهو صاف من تصافينا |
وإذ هصرنا غصون الأنس دانية | قطوفها فاجتنينا منه ماشينا |
ليسق عهدكم عهد السرور فما | كنتم لأرواحنا إلا رياحينا |
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا | أن طالما غير النأي المحبينا |
والله ما طلبت أرواحنا بدلا | منكم ولا انصرفت عنا أمانينا |
يا ساري البرق غاد القصر فاسق به | من كان صرف الهوى والود يسقينا |
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا | من لو على البعد حيا كان يحيينا |
ربيب ملك كأن الله أنشأه | مسكا وقدر إنشاء الورى طينا |
إذا تأود آدته رفاهية | تؤم العقود وأدمته البرى لينا |
يا روضة طالما أجنت لواحظنا | وردا جناه الصبا غضا ونسرينا |
يا جنة الخلد أبدلنا بسلسلها | والكوثر العذب زقوما وغسلينا |
كأننا لم نبت والوصل ثالثنا | والسعد قد غض من أجفان واشينا |
سران في خاطر الظلماء يكتمنا | حتى يكاد لسان الصبح يفشينا |
إنا قرأنا الأسى يوم النوى سورا | مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا |
أما هواك فلم نعدل بمنهله | شربا وإن كان يروينا فيظمينا |
لم نجف أفق جمال أنت كوكبه | سالين عنه ولم نهجره قالينا |
ولا اختيارا تجنبناك عن كثب | لكن عدتنا على كره عوادينا |
نأسى عليك وقد حثت مشعشعة | فينا الشمول وغنانا مغنينا |
لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا | سيما ارتياح ولا الأوتار تلهينا |
دومي على الوصل ما دمنا محافظة | فالحر من دان إنصافا كما دينا |
فما استعضنا خليلا عنك يصرفنا | ولا استفدنا حبيبا منك يسلينا |
ولو صبا نحونا من علو مطلعه | بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا |
أبدي وفاء وإن لم تبذلي صلة | فالذكر يقنعنا والطيف يكفينا |
هل يسمع الربع شكوانا فيشكينا | أو يرجع القول مغناه فيغنينا |
يا باخلين علينا أن نودعهم | وقد بعدتم عن اللقيا فحيونا |
قفوا نزركم وإن كانت فوائدكم | نزرا ومنكم بالوصل ممنونا |
سترتم الوصل ضنا لا فقدتكم | وكان بالوهم موجودا ومظنونا |
سرى من المسك عن مسراكم خبر | يعيد عهد هواكم نشره فينا |
أيام بدركم يحيي ليالينا | قربا وظبيكم يرعى بوادينا |
مهلا فلم نعتقد دين الهوى تبعا | ولا قرأنا بصحف الحسن تلقينا |
قد نصرف العذل يغوينا ويرشدنا | ونترك الدار تشجينا وتسلينا |
ونتبع الحي والأشواق محرقة | تحوم بالماء والأرماح تحمينا |
كواكب بسماء النقع قد جعلت | لنا رجوما وما كنا شياطينا |
أما منى قلبي فأنت جميعه | يا ليتني أصبحت بعض مناك |
يدني مزارك حين شط به النوى | وهم أكاد به أقبل فاك |
إن الجهاورة الملوك تبوأوا | شرفا جرى معه السماك جنيبا |
فإذا دعوت وليدهم لعظيمة | لباك رقراق السماح أريبا |
همم تعاقبها النجوم وقد تلا | في سؤدد منها العقيب عقيبا |
ومحاسن تندى دقائق ذكرها | فتكاد توهمك المديح نسيبا |
ولما قضينا ما عنانا قضاؤه | وكل بما أوليت داع فملحف |
رأيناك في أعلى المصلى كأنما | تطلع من محراب داود يوسف |
بيني وبينك ما لو شئت لم يضع | سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع |
يا بائعا حظه مني ولو بذلت | لي الحياة بحظي منه لم أبع |
يكفيك أنك إن حملت قلبي ما | لم تستطعه قلوب الناس يستطع |
ته أحتمل واستطل أصبر وعز أهن | وول أقبل وقل أسمع ومر أطع |
ألم يأن أن يبكي الغمام على مثلي | ويطلب ثاري البرق منصلت النصل |
وهلا أقامت أنجم الزهر مأتما | لتندب في الآفاق ما ضاع من نبلي |
أمقتولة الأجفان ما لك والها | ألم ترك الأيام نجما هوى قبلي |
ولله فينا علم غيب وحسبنا | به عند جور الدهر من حكم عدل |
وفي أم موسى عبرة إذ رمت به | إلى اليم في التابوت فاعتبري واسلي |
ولقد شكوتك بالضمير إلى الهوى | ودعوت من حنق عليك فأمنا |
منيت نفسي من صفاتك ضلة | ولقد تغر المرء بارقة المنى |
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا | والجو طلق ووجه الروض قد راقا |
وللنسيم اعتلال في أصائله | كأنه رق لي فاعتل إشفاقا |
والروض عن مائه الفضي مبتسم | كما شققت عن اللبات أطواقا |
يوم كأيام لذات لنا انصرمت | بتنا بها حين نام الدهر سراقا |
نلهو بما يستميل العين من زهر | جال الندى فيه حتى مال أعناقا |
كأن أعينه إذ عاينت أرقي | بكت لما بي فجال الدمع رقراقا |
لا سكن الله قلبا عن ذكركم | ولم يطر بجناح الشوق خفاقا |
لو شاء حملي نسيم الريح نحوكم | وافاكم بفتى أضناه ما لاقى |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0
ابن زيدون الوزير المغربي، اسمه أحمد بن عبد الله بن أحمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0
ابن زيدون الصاحب الوزير العلامة، أبو الوليد، أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن غالب بن زيدون المخزومي القرشي الأندلسي القرطبي الشاعر حامل لواء الشعر في عصره.
قال ابن بسام: كان غاية منثور ومنظوم وخاتمة شعراء بني مخزوم أحد من جر الأيام جرا وفاق الأنام طرا وصرف السلطان نفعا وضرا ووسع البيان نظما ونثرا إلى أدب ما للبحر تدفقه ولا للبدر تألقه وشعر ليس للسحر بيانه ولا للنجوم اقترانه.
إلى أن قال: وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة فانتقل منها إلى عند صاحب إشبيلية المعتضد بن عباد بعد الأربعين وأربع مائة فجعله من خواصه وبقي معه في صورة وزير وهو صاحب هذه الكلمة البديعة:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا | شوقا إليكم ولا جفت مآقينا |
كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه | وقد يئسنا فما لليأس يغرينا |
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا | يقضي علينا الأسى لولا تأسينا |
حالت لفقدكم أيامنا فغدت | سودا وكانت بكم بيضا ليالينا |
ليسق عهدكم عهد السرور فما | كنتم لأرواحنا إلا رياحينا |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 402