الحربي إبراهيم بن اسحاق بن بشير بن عبد الله البغدادي الحربي، أبو اسحاق: من اعلام المحدثين. اصله من مرو، واشتهر وتوفي ببغداد، ونسبته إلى محلة فيها ز كان حافظا للحديث عارفا بالفقه بصيرا بالاحكام، قيما بالادب زاهدا، ارسل اليه المعتضد الف دينار فردها. تفقه على الامام احمد، وصنف كتب كثيرة منها (غريب الحديث) و (مناسك الحج) و (سجود القرآن) و (الهداية والسنة فيها) و (الحمام وآدابه) و (دلائل النبوة) وكان عنده اثنا عشر الف جزء في اللغة وغريب الحديث، كتبها بخطه.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 32
إبراهيم بن إسحاق الحربي نقلت من كتاب أبي بكر الخطيب قال: إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد الله بن ديسم أبو إسحاق الحربي، ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، ومات ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين في ذي الحجة، ودفن في بيته في شارع باب الأنبار، وكان الجمع كثيرا جدا. وكان قد سمع أبا نعيم الفضل بن دكين وعفان بن مسلم وعبيد الله بن محمد بن عائشة وأحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة وعبيد الله القواريري وخلقا من أمثالهم. روى عنه موسى بن هارون الحافظ ويحيى بن صاعد وأبو بكر ابن أبي داود والحسين المحاملي ومحمد بن مخلد وأبو بكر الأنباري النحوي وأبو عمر الزاهد صاحب ثعلب وخلق كثير غيرهم. وكان إماما في العلم رأسا في الزهد، عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث مميزا لعلله، قيما بالأدب جماعا للغة، وصنف كتبا كثيرة منها: كتاب غريب الحديث، وأصله من مرو؛ وكان يقول أمي تغلبية وأخوالي نصارى أكثرهم. وقيل: لم سميت إبراهيم الحربي؟ فقال: صحبت قوما من الكرخ على الحديث وعندهم ما جاز القنطرة العتيقة من الحربية فسموني الحربي بذلك.
وحدث أحمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان المعروف بابن أسد قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: أجمع عقلاء الأمة أنه من لم يجر مع القدر لم يهنأ بعيشه، كان يكون قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي مقطوع، وفرد عقبي الآخر صحيح، أمشي بهما وأدور بغداد كلها هذا الجانب وذاك الجانب، لا أحدث نفسي أني أصلحهما، وما شكوت إلى أمي ولا إلى أختي ولا إلى امرأتي ولا إلى بناتي قط حمى وجدتها؛ الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغم عياله، كان بي شقيقة خمسا وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين في اليوم والليلة إن جاءتني بهما امرأتي أو إحدى بناتي أكلت وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى، والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا. ومرضت ابنتي فمضت امرأتي فأقامت عندها شهرا فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف. ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقام نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف، ولا تروحت ولا روحت قط ولا أكلت من شيء واحد في يوم مرتين.
وحدث أحمد بن سليمان القطيعي قال: أضقت إضاقة شديدة فمضيت إلى إبراهيم الحربي لأبثه ما أنا فيه، فقال لي: لا يضيق صدرك فإن الله من وراء المعونة. وإني أضقت مرة حتى انتهى أمري في الإضافة إلى أن عدم عيالي القوت، فقالت لي الزوجة: هب أني وإياك نصبر فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه، فضننت بذلك وقلت: اقترضي لهما شيئا وأنظريني بقية اليوم والليلة، وكان لي بيت في دهليز داري فيه كتبي، فكنت أجلس فيه للنسخ والنظر، فلما كان في تلك الليلة إذا داق يدق الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران، فقلت: ادخل، فقال أطف السراج حتى أدخل، فكببت على السراج شيئا وقلت: ادخل، فدخل وترك إلى جانبي شيئا وانصرف، فكشفت عن السراج ونظرت فإذا منديل له قيمة وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم، فدعوت الزوجة وقلت: أنبهي الصبيان حتى يأكلوا. ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم. وكان وقت مجيء الحاج من خراسان، فجلست على بابي من غد تلك الليلة، وإذا جمال يقود جملين عليهما حملان ورقا وهو يسأل عن منزل إبراهيم الحربي، فانتهى إلي فقلت: أنا إبراهيم الحربي، فحط الحملين وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من أهل خراسان، فقلت: من هو؟ فقال: قد استحلفني ألا أقول لك من هو.
وحدث أبو عثمان الرازي قال: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد يسأله عن أمر أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فرده وانصرف الرسول ثم عاد فقال له: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقة في جيرانك، فقال له: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك.
وحدث أبو القاسم الجبلي قال: اعتل إبراهيم بن إسحاق الحربي علة حتى أشرف على الموت، فدخلت عليه يوما فقال: يا أبا القاسم أنا في أمر عظيم مع ابنتي، ثم قال لها: قومي واخرجي إلى عمك، فخرجت وألقت على وجهها خمارها، فقال إبراهيم: هذا عمك كلميه، فقالت لي: يا عم نحن في أمر عظيم لا في الدنيا ولا في الآخرة، والشهر والدهر ما لنا طعام إلا كسر يابسة وملح، وربما عدمنا الملح، وبالأمس قد وجه إلينا المعتضد مع بدر بألف دينار فلم يأخذها، ووجه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منها شيئا، وهو عليل، فالتفت الحربي إليها وتبسم وقال: يا بنية إنما خفت الفقر؟ فقالت: نعم، فقال لها: انظري إلى تلك الزاوية، فنظرت فإذا كتب، فقال لها: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبته بخطي، إذا مت فوجهي في كل يوم بجزء تبيعينه بدرهم، فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقيرا.
وحدث أبو عمر الزاهد وابن المنادي: سمعت ثعلبا مرارا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربي في مجلس لغة أو نحو خمسين سنة.
وحدث أبو بكر الشافعي قال، قال إبراهيم الحربي: ما أخذت على علم قط أجرا إلا مرة واحدة فإني وقفت على بقال فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألني عن مسألة فأجبته فقال للغلام: أعط بقيراط ولا تنقصه شيئا، فزادني فلسا.
وحدث إبراهيم الحربي وقد سألوه عن حديث عباس البقال فقال: خرجت إلى الكبش ووزنت لعباس البقال دانقا إلا فلسا فقال لي: يا أبا إسحاق حدثني حديثا في السخاء فلعل الله يشرح صدري فأعمل شيئا، قال: قلت له نعم، روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود وبيده رغيف يأكل منه لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن: ما حملك على أن شاطرته فلم تغابنه فيه بشيء؟ فقال: استحيت عيناي من عينيه أن أغابنه، فقال له الحسن: غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ فقال: لابان بن عثمان. فقال له الحسن: أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك، فمر اشترى الغلام والحائط، وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، فقام قائما فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه الله تعالى، والحائط هبة مني إليك، فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. قال إبراهيم، فقال عباس البقال: حسن والله يا أبا إسحاق، يا غلام لأبي إسحاق دانق إلا فلسا أعطه بدانق ما يريد ولا تنقصه شيئا، فقلت: والله لا أخذت إلا بدانق إلا فلسا.
وحدث عبد الله بن أحمد بن حنبل قال، كان أبي يقول لي: امض إلى إبراهيم الحربي يلقي عليك الفرائض. قال: ولما مات سعيد بن أحمد بن حنبل جاء إبراهيم الحربي إلى عبد الله فقام إليه عبد الله فقال: تقوم إلي؟ فقال: لم لا أقوم إليك؟ والله لو رآك أبي لقام إليك، قال: والله لو رأى ابن عيينة أباك لقام إليه.
وقال إبراهيم الحربي: في كتاب «غريب الحديث» الذي صنفه أبو عبيد ثلاثة وخمسون حديثا ليس لها أصل وقد أعلمت عليها في كتاب السروي، منها: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها مناجد، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس السراويلات المخرفجة، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم أهل قاهة، وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أمرت بهذا البيت فسفروا، عن النبي أنه قال للنساء: «إذا جعتن دقعتن وإذا شبعتن خجلتن» .
وحدث أبو العباس ابن مسروق قال، قال لي إبراهيم الحربي: لا تحدث فتسخن عينك كما سخنت عيني، قلت له: فما أعمل؟ قال: تطأطئ رأسك وتسكت، قلت له: فأنت لم تحدث؟ قال: ليس وجهي من خشب.
وحدث محمد بن عبد الله الكاتب قال كنت يوما عند المبرد فأنشدنا:
جسمي معي غير أن الروح عندكم | فالجسم في غربة والروح في وطن |
فليعجب الناس مني أن لي بدنا | لا روح فيه ولي روح بلا بدن |
فارقتكم وحييت بعدكم | ما هكذا كان الذي يجب |
فالآن ألقى الناس معتذرا | من أن أعيش وأنتم غيب |
روحان لي روح تضمنها | بلد وأخرى حازها بلد |
وأظن غائبتي كشاهدتي | بمكانها تجد الذي أجد |
غابوا فصار الجسم من بعدهم | لا تنظر العين له فيا |
بأي وجه أتلقاهم | إذا رأوني بعدهم حيا |
يا خجلتي منهم ومن قولهم | ما ضرك الفقد لنا شيا |
يا حيائي ممن أحب إذا ما | قلت بعد الفراق إني حييت |
لو صدقت الهوى حبيبا | على الصحة لما نأى لكنت أموت |
أنكرت ذلي فأي شيء | أحسن من ذلة المحب |
أليس شوقي وفيض دمعي | وضعف جسمي شهود حبي |
هما اثنان إذا عدا | فخير لهما الموت |
فقير ما له زهد | وأعمى ما له صوت |
إذا مات المعالج من سقام | فيوشك للمعالج أن يموتا |
دب في السقام سفلا وعلوا | وأراني أذوب عضوا فعضوا |
بليت جدتي بطاعة نفسي | وتذكرت طاعة الله نضوا |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 1- ص: 41
إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشر الحربى أبو إسحاق الفقيه الحافظ
ولد سنة ثمان وتسعين ومائة
وسمع هوذة بن خليفة وأبا نعيم وعبد الله بن صالح العجلى وعاصم بن على وعفان وأبا سلمة التبوذكى ومسدد بن مسرهد وأبا عبيد القاسم بن سلام وشعيث بن محرز وغيرهم
روى عنه ابن صاعد وأبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وعبد الرحمن بن العباس المخلص وخلق آخرهم موتا أبو بكر القطيعى
أخذ الفقه عن الإمام أحمد بن حنبل
قال الخطيب كان إماما في العلم وإماما في الزهد عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام حافظا للحديث مميزا لعلله قيما بالأدب جماعا للغة صنف غريب الحديث وكتبا كثيرة
أصله من مرو
وكان يقول أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه
قال وقميصى أنظف قميص وإزارى أوسخ إزار ما حدثت نفسى بأنهما يستويان
قط وفرد عقبى صحيح والآخر مقطوع ولا أحدث نفسى أنى أصلحها ولا شكوت لأهلى وأقاربى حمى أجدها ولى عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا وأفنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين إن جاءتنى بهما أمى أو أختى وإلا بقيت جائعا إلى الليلة الثانية وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة إن جاءتنى به امرأتى أو بناتى وإلا بقيت جائعا والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة وقام إفطارى في رمضان هذا بدرهم ودانقين ونصف
قال السلمى سألت الدارقطنى عن إبراهيم الحربى فقال كان يقاس بأحمد ابن حنبل في زهده وعلمه وورعه
وقال الحاكم سمعت محمد بن صالح القاضى يقول لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إبراهيم في الأدب والفقه والحديث والزهد
وقال أبو بكر الشافعي سمعت إبراهيم الحربى يقول عندى عن على بن المدينى قمطر ولا أحدث عنه بشئ لأنى رأيته بالمغرب ونعله بيده مبادرا فقلت إلى أين قال ألحق الصلاة مع أبى عبد الله قلت من أبو عبد الله قال ابن أبى دؤاد
قلت نقم عليه اقتداؤه بابن أبى دؤاد القائل بخلق القرآن وقد كان ابن المدينى ممن يقول بذلك فإنما نقم عليه في الحقيقة نفس البدعة وأنا أنقم عليه مع البدعة مبادرته وسعيه والسنة أن يأتى الصلاة وهو يمشى وعليه السكينة ولا يأتيها وهو يسعى
توفى الحربى في ذى الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين وذكره في الحنابلة أولى من ذكره في الشافعية
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 2- ص: 256
إبراهيم بن إسحاق الحربي.
إمام فاضل، له تصانيف كثيرة، منها «غريب الحديث» و «ناسخ القرآن ومنسوخه»، وغيرهما.
ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 7
إبراهيم بن إسحاق الحربي، من أهل بغداد.
يروي عن أبي نعيم، وأهل العراق. روى عنه: أصحابنا.
وقال مسلمة: كان عالماً، فاضلاً، ورعاً، توفي ببغداد يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين.
وقال الخطيب: كان إماماً في العلم، رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراً بالأحكام، حافظاً للحديث، مميزاً لعلله قيماً بالأدب، جماعاً للغة، صنف غريب الحديث، وكتباً كثيرة.
وقال القفطي في «تاريخ النحاة» مثله.
وقال الدارقطني: عالم بكل شيء، بارع في كل علم، صدوق.
ولد سنة ثمان وتسعين وطلب العلم سنة بضع عشرة، وتوفي سنة خمس
وثمانين، وصلى عليه يوسف القاضي، وكانت جنازته مشهودة.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 2- ص: 1
والإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 104
إبراهيم بن إسحاق الحربي
كان قيما بالأدب، جماعا للغة، حافظا للحديث. له تصانيف
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 2
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 58
إبراهيم بن إسحاق الحربي
من أهل بغداد
يروي عن أبي نعيم وأهل العراق كتب عنه أصحابنا
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 8- ص: 1