الأعمى التطيلي أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي، أبو العباس الأعمى، ويقال له الأعيمي، التطيلي: شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. له (ديوان شعر - ط) و (قصيدة - ط) على نسق مرئية ابن عبدون في بني الأفطس.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 158
الأعيمى التطيلي أحمد بن عبد الله بن هريرة أبو العباس القيسي التطيلي الإشبيلي المنشإ الضرير المعروف بالأعيمى توفي سنة خمس وعشرين وخمس مائة، من شعره:
بحياة عصياني عليك عواذلي | إن كانت القربات عندك تنفع |
هل تذكرين لياليا بتنا بها | لا أنت باخلة ولا أنا أقنع |
مللت حمص وملتني فلو نطقت | كما نطقت تجارينا على قدر |
وسولت لي نفسي أن أفارقها | والماء في المزن أصفى منه في الغدر |
هيهات بل ربما كان الرحيل عنا | بالمال أحيي به فقرا من العمر |
كم ساهر يستطيل الليل من دنف | لم يدر أن الردى آت مع السحر |
أما اشتفت مني الأيام في وطني | حتى تضايق فيما عن عن وطري |
ولا قضت من سواد العين حاجتها | حتى تكر على ما كان في الشعر |
أعد نظرا في روضتي ذلك الخد | فإني أخاف الياسمين على الورد |
وخذ لهما دمعي وعللهما به | فإن دموعي لا تعيد ولا تبدي |
وإلا ففي كأس المدامة بلغة | تقوم مقام الري عندك أو عندي |
وفي ريقك المعسول لو أن روضة | تعلل بالكافور والمسك والشهد |
وماء شبابي كان أعذب موردا | لو أن الليالي لم تزاحمك في الورد |
أمنك الخيال الطارقي كل ليلة | على مثل حد السيف أو طرة البرد |
منى لا أبالي أن تكون كواذبا | فتفنى ولكن المدار على وجدي |
يباري إلي الليل لو أن شافعا | من النوم أو لولا رقيب من السهد |
تعلم مني كيف ينعم بالهوى | ويشقى فهلا كيف يبقى على العهد |
يهون علي الوصل ما دام نازحا | وأسرع شيء حين يدنو إلى الصد |
وليلة وافاني وقد ملت ميلة | وكنت أنا والنجم بتنا على وعد |
ألم فحيا بين رقبي ورقة | ولا شيء أحل من دنو على بعد |
وقد رابه لمح من الليل في الدجى | كما لاح وسم الشيب في الشعر الجعد |
رأى أدمعي حمرا وشيبي ناصعا | وفرط نحولي واصفراري على خدي |
فود لو أني عقده أو وشاحه | وإن لم يطق حمل الوشاح ولا العقد |
ألم فأعداني ضناه وسهده | وقد كان هذا الشوق أولى بأن يعدي |
وولى فلا تسأل بحالي بعده | ولكن سل الأيام عن حاله بعدي |
تفاوت قومي في الحظوظ وسبلها | فمكد على حرص ومثر على زهد |
وأما أنا والحضرمي فإننا | قسمنا المعالي بين غور إلى نجد |
فأبت أنا بالشعر أحمي لواءه | وآب ابن عيسى بالسيادة والمجد |
فتى لا يبالي فوز من فاز بالعلى | إذا امتلأت كفا يديه من الحمد |
وبديع الأوصاف كالشمس كالدمـ | ـية كالغصن كالقنا كالريم |
سكري اللمى وضيء المحيا | يستخف النفوس قبل الجسوم |
متهد إلى الحلوم بلحظ | ربما كان ضلة للحلوم |
ما يبالي من بات يلهو به إن | لم ينل ملك فارس والروم |
قمت أسقيه من لمى ثغره العذ | ب على صحن خده المرقوم |
بين ليل كخضرة الروض في اللو | ن وصبح كعرفه في الشميم |
وكأن النجوم في غبش الصبـ | ـح وقد لفها فرادى بتوم |
أعين العاشقين أدهشها البيـ | ـن فأغضت بين الضنى والوجوم |
أما والهوى وهو إحدى الملل | لقد مال قدك حتى اعتدل |
وأشرق وجهك للعاذلات | حتى رأت كيف يعصى العذل |
ولم أر أفتك من مقلتيه | على أن لي خبرة بالمقل |
كحلتهما بهوى قاتل | وقلت الردى حيلة في الكحل |
وإني وإن كنت ذا غفلة | لأعلم كيف تكون الحيل |
ولست أسائل عينيك بي | ولكن بعهد الرضى ما فعل |
وقد كنت جاريت تلك الجفون | إلى الموت بين المنى والعلل |
خذا حدثاني عن فل وفلان | لعلي أرى باق على الحدثان |
وعن دول جسن الديار وأهلها | فنين وصرف الدهر ليس بفان |
وعن هرمي مصر الغداة أمتعا | بشرخ شباب أم هما هرمان |
وعن نخلتي حلوان كيف تناءتا | ولم يطويا كشحا على شنآن |
وطال ثواء الفرقدين بغبطة | أما علما أن سوف يفترقان |
وزايل بين الشعريين تصرف | من الدهر لا وان ولا متوان |
فإن تذهب الشعرى العبور لشأنها | فإن الغميصا في بقية شان |
وجن سهيل بالثريا جنونه | ولكن سلاه كيف يلتقيان |
وهيهات من جور القضاء وعدله | شآمية ألوت بدين يمان |
فأزمع عنها آخر الدهر سلوة | على طمع خلاه للدبران |
وأعلن صرف الدهر لابني نويرة | بيوم تناء غال كل تدان |
وكانا كندماني جذيمة حقبة | من الدهر لو لم ينصرم لأوان |
فهان دم بين الدكادك واللوى | وما كان في أمثالها بمهان |
وضاعت دموع بات يبعثها الأسى | يهيجها قبر بكل مكان |
ومال على عبس وذبيان ميلة | فأودى بمجني عليه وجان |
فعوجا على جفر الهباءة فاعجبا | لضيعة أعلاق هناك ثمان |
دماء جرت منها التلاع بمثلها | ولا ذحل إلا أن جرى فرسان |
وأيم حرب لا ينادى وليدها | أهاب بها في الحي يوم رهان |
فآب الربيع والبلاد تهره | ولا مثل مود من وراء عمان |
وأنحى على ابني وائل فتهاصرا | غصون الردى من كزة ولدان |
تعاطى كليب فاستمر بطعنة | أقامت لها الأبطال سوق طعان |
وبات عدي بالذنائب يصطلي | بنار وغى ليست بذات دخان |
فدلت رقاب من رجال أعزة | إليهم تناهى عز كل زمان |
وهبوا يلاقون الصوارم والقنا | بكل جبين واضح ولسان |
فلا خد إلا فيه خد مهند | ولا صدر إلا فيه صدر سنان |
وصال على الجونين بالشعب فانثنى | بأسلاب مطلول وربقة عان |
وأمضى على أبناء قيلة حكمه | على شرس أدلوا به وليان |
وأي قبيل لم يصدع جميعهم | ببكر من الأرزاء أو بعوان |
خليلي أبصرت الردى وسمعته | فإن كنتما في مرية فسلاني |
ولا تعداني أن أعيش إلى غد | لعل المنايا دون ما تعداني |
ونبهني ناع مع الصبح كلما | تشاغلت عنه عن لي وعناني |
أغمض أجفاني كأني نائم | وقد لجت الأحشاء في الخفقان |
أبا حسن أم أخوك فقد مضى | فوا لهف نفسي ما التقى أخوان |
أبا حسن إحدى يديك رزئتها | فهل لك بالصبر الجميل يدان |
أبا حسن ألق السلاح فإنها | منايا وإن قال الجهول أماني |
أبا حسن هل يدفع المرء حينه | بأيد شجاع أو بكيد جبان |
توقوه شيئا ثم كروا وجعجعوا | بأروع فضفاض الرداء هجان |
أخي فتكات لا يزال يجيبها | بحزم معين أو بعزم معان |
رأى كل ما يستعظم الناس دونه | فولى غنيا عنه أو متغاني |
قليل حديث النفس عما يروعه | وإن لم يزل من ظنه بمكان |
أبي وإن يتبع رضاه فمصحب | بعيد وإن يطلب جداه فدان |
لك الله خوفت العدى وأمنتهم | فذقت الردى من خيفة وأمان |
إذا أنت خوفت الرجال فخفتهم | فإنك لا تجزى هوى بهوان |
رياح وهبها عارضتك عواصفا | فكيف انثنى أو كاد ركن أبان |
بلى، رب مشهور العلى متشيع | قليل بمنهوب الفؤاد هدان |
أتيحت لبسطام حديدة عاصم | فخر كما خرت سحوق ليان |
بنفسي وأهلي أي بدر دجنة | لست خلت من شهره وثمان |
وأي أتي لا تقوم له الربى | ثنى عزمه دون القرارة ثان |
وأي فتى لو جاءكم في سلاحه | متى صلحت كف بغير بنان |
وما غركم لولا القضاء بباسل | أصاخ فقعقعتم له بشنان |
يقولون لا يبعد ولله دره | وقد حيل بين العير والنزوان |
ويأبون إلا ليته ولعله | ومن أين للمقصوص بالطيران |
رويد الأماني إن رزء محمد | عدا الفلك الأعلى عن الدوران |
وحسب المنايا أن تفوز بمثله | كفاك ولو أخطأته لكفاني |
أثاكلتيه والثواكل جمة | لو أنكما بالناس تأتسيان |
أذيلا وصونا واجزعا وتجلدا | ولا تأخذا إلا بما تدعان |
ما حال القلوب=وفي غمض الجفون=عيون ظباها | أمضى سهام المنون |
قسي الحواجب | سهامها عيناه |
كنوين كاتب | قد خطهن الله |
وخضرة شارب | مع ما حوت شفتاه |
من در وطيب=لو بعت روحي وديني=في رشف لماها | ما كنت بالمغبون |
يا من يتعزز | اخضع لعبد العزيز |
إن كنت تميز | جماله تمييزي |
والخد المطرز | بأبدع التطريز |
والخال العجيب=قد جال في النسرين=كزنجي تاها | في روض الياسمين |
لا أصغي للاحي | يلح في تعذالي |
ووجه الصلاح | حبي لهذا الغزال |
من هو في الملاح | من الطراز العالي |
قد كالقضيب=في الانثنا واللين=وخصر إن ضاهى | به لرقة ديني |
كشفت القناعا | مستوهبا منه قبله |
فاستحيا امتناعا | أظنها منه خجله |
فقلت انخضاعا | ما قال قيس لعبله |
أما أنا حبيبي=نطيش من غرشوني=شيم غين رشاها | ألا تغرش منوني |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0
الأعيمي التطيلي اسمه أحمد بن عبد الله.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0