ابن الأغلب إبراهيم بن الاغلب بن سالم التميمي: ثاني الأغالبة ولاة إفريقية لبني العباس. كان أبوه (الأغلب) قد وليها سنة 148 - 150 هـ ، وقتله ثائر، فوجه إليها عدة ولاة غلبتهم الفتن. ووليها محمد بن مقاتل (انظر ترجمته) وتغلب عليه أحد عماله سنة 181هـ ، وكان إبراهيم عاملا على (الزاب) فقام بنصرة ابن مقاتل ورده إلى امارته (سنة 184) فورد عهد الرشيد العباسي بعزل ابن مقاتل وتولية إبراهيم امارة افريقية (في السنة نفسها) فنهض بها وضبط أمورها، وابتنى مدينة (العباسية) على مقربة من القيروان، وانتقل اليها. ونشبت ثورات في أواخر ايامه فأطفأها. وكان على علم بالأدب والفقه، شاعرا خطيبا شجاعا. له وقائع في المغرب القصى مع أهل الدعوة لإدريس العلوي. استمرت امارته 12 سنة و 4 أشهر، ومات بالعباسية. وهو أول من اتخذ العبيد لحمل سلاحه واستكثر من طبقاتهم واستغنى بهم عن الرعية في بعض أموره. قال ابن عذارى: لم يل إفريقية أحسن سيرة، ولا أحسن سياسة، ولا أرأف برعية، ولا أوفى بعهد، ولا أرعى لحرمة منه.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 33

إبراهيم بن الأغلب التميمي، أمير المغرب، دخل إلى القيروان، فبايعوه، وانضم إليه خلق، فأقبل يلاطف نائب القيروان هرثمة بن أعين، فاستعمله على ناحية الزاب، فضبطها. وآخر أمره استعمله على المغرب الرشيد، وعظم، وأحبه أهل المغرب.
وكان فصيحا، خطيبا، شاعرا، ذا دين، وفقه، وحزم، وشجاعة، وسؤدد.
أخذ عن: الليث بن سعد، وغيره.
بنى مدينة سماها: العباسية، ومهد المغرب، وعاش ستا وخمسين سنة.
مات في شوال، سنة ست وتسعين ومائة، فقام بعده ابنه عبد الله.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 7- ص: 552

إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال أبو إسحق
ولاه الرشيد إفريقية بعد محمد بن مقاتل العكي فأستقل بملكها وأورث سلطنها بنيه نيفاً على مائة سنة وكان فقيها عالما أديباً شاعراً خطيباً ذا رأى وبأس وحزم ومعرفة بالحرب ومكائدها جريء الجنان طويل اللسان حسن السيرة لم يل إفريقية أحد قبله من الأمراء أعدل في سيرة ولا أحسن لسياسة ولا أرفق برعية ولا أضبط لأمر منه
وكان في أول حالته كثير الطلب للعلم والاختلاف إلى الليث بن سعد الفقيه والليث وهب له جلاجل أم ابنه زيادة الله فخرج بها حتى وصل الزاب وعلى إفريقية يومئذٍ الفضل بن روح بن حاتم فلقى من تعصبه وسوء مجاورته عظيما وأقام أخوه عبد الله بن الأغلب بمصر وكان ذا نعمة عظيمة فلما توفي أرتحل بنوه إلى إفريقية
وولى الزاب من قبل هارون الرشيد وابن العكي على إفريقية وقد تقدم ذكر نصرته لابن العكي إلى أن صرف بإبراهيم سنة أربع وثمانين ومائة
وتوجه إلى المشرق فلما بلغ طرابلس دلس له كاتبه داوود القيرواني على لسان الرشيد كتابا بإقراره على إفريقية وانصرافه إلى عمله فتمشى ذلك زمانا وبلغ الرشيد فغاظه وأسجل لإبراهيم بولاية إفريقية ثانية فأشتد عند ذلك سلطانه وعظم دون الملوك الذين تقدموه شأنه وخرج ابن العكي من إفريقية وأعمالها وعلى هذه الحال لم يكاف إبراهيم على حسن ما أسلفه في جانبه إلا بأقبح الأفعال
ومن فضائل إبراهيم المأثورة وجلائل أنبائه المسطورة أنه عفا عن داوود كاتب ابن العكي وأسقط التثريب عليه وقبل متابه فأمنه وأستعمله وقد ذكرت ذلك في تأليفي المترجم ب إعتاب الكتاب وهو القائل وقد خلف أهله بمصر في قصده الزاب

البيت الأول نظير قول يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في زوجه
وكان محمد بن سيرين يقول هو أشوق بيت قالته العرب
وقال إبراهيم وهو بالزاب في قتل ابن الجارود للفضل بن روح بن حاتم وقد بلغه أن نصر بن حبيب المهلبي أشار برد الفضل من طريقه لأنه خاف أن يحدث حدثا فيقتله ابن الجارود بسببه
وقال أيضا في دخوله القيروان قائما بنصرة ابن العكي وهرب تمام بن تميم أمامه
ثم نزل عن المنبر وكتب إلى محمد بن مقاتل يستعيده إلى عمله وقال في ذلك
وقال أيضا في ذلك
قال إبراهيم هذا لأنه قصد لنصرة ابن العكي في سبعين فارساً من أهل بيته وخاصته إقداماً ونجدة فقال بعض شعراء إفريقية في ذلك
ولما حارب تماماً وابن العكي بالقيروان حمل على الميمنة وهو يقول
ثم رجع إلى الميسرة بعد أن كسر الميمنة وهو يقول
#قد علمت سعد وأبناه مضر #أني منعت عزها أن يعتصر #وأنني فخارها لمن فخر ففضها ثم رجع إلى القلب فشد عليه وهو يقول
وحمل أصحابه فكانت الهزيمة على تمام
وله حين وجه بمن كان يخاف أمرهم من وجوه الجند إلى الرشيد
وله أيضا وهو من جيد شعره
راشد هذا هو مولى عيسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب وكان عاقلا شجاعاً أيداً خرج بإدريس بن عبد الله أخى مولاه عند انهزامه في وقعة فخ وقد تقدم ذكرها وأنغمس به في حاج أهل مصر وغير زيه وألبسه مدرعة وعمامة غليظة وصيره كالغلام يخدمه وإن أمره ونهاه أسرع في ذلك وتخلص إلى إفريقية في خبر طويل فترك دخولها ثم سار به في بلاد البربر حتى أنتهى إلى فاس وطنجة فأظهر إدريس هنالك أمره وأخبر بنسبه ودعا للبربر إليه فأجابوه وذلك سنة اثنتين وسبعين ومائة في السنة التي توفي فيها عبد الرحمن بن معاوية وولى ابنه هشام الرضا وفي السنة الثانية من خلافة هارون الرشيد أقام بين أظهر البربر ملكا مطاعاً وبلغ الرشيد خبره فشق عليه وشكا ذلك إلى يحيى بن خالد فدس إليه من سمه في غالية وقيل في ذرور أستن به وقيل في دلاعة قطعها بسكين نصفها مسموم والثاني غير مسموم وقيل في بطيخة وهرب هو وصاحب له فيقال إن راشداً اتبعهما وقد بعدا فأدركهما وهو وحده على فرسه فشد عليهما بسيفه فضرب أحدهما وفات الآخر وأنصرف راشد وهلك إدريس
ويقال إن الذي دس الرشيد إليه ليسمه هو الشماخ اليمامي وكتب له إلى إبراهيم بن الأغلب فوصل إلى إدريس وعرفه أنه متطبب وأنه من أوليائهم فأطمأن إليه وأنس به وشكا إليه علة في أسنانه فأعطاه سنوناً مسموماً وأمره أن يستن به عند طلوع الفجر وهرب تحت الليل فلما طلع الفجر أستن إدريس بذلك السنون فقتله وطلب الشماخ فلم يقدر عليه وقدم على إبراهيم بن الأغلب فأخبره فكتب إبراهيم إلى الرشيد بذلك فولى الشماخ بريد مصر وأجازه وقد تقدم عند ذكره أن الذي سمه سليمان بن جرير في سمكة مشوية وقال في ذلك أشجع السلمي من شعراء الرشيد
وكانت مدة سلطان إدريس بالمغرب إلى أن مات بوليلى سنة خمس وقيل سنة أربع وسبعين ومائة ثلاثة أعوام وستة أشهر
وكان قد خرج إلى سبتة في شيبان سنة ثلاث وسبعين وإلى تازا في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وترك حملا من إحدى جواريه فقام راشد بأمر البربر حتى ولدت غلاماً فسماه باسم أبيه إدريس وكفله إلى أن بلغ الغلام
وعلا أمر راشد وأستفحل وهم بغزو إفريقية لما كان فيه من القوة وكثرة الجنود فكاده إبراهيم بن الأغلب من الزاب موضع ولايته ودس إلى أصحابه وبذل لهم الأموال إلى أن أغتالوه وبعثوا برأسه إليه فبعث به إلى ابن مقاتل العكي وأخبره بكيده إياه وتدبيره في قتله فبعث به العكي إلى هارون الرشيد ونسب ذلك إلى نفسه دون إبراهيم فكتب صاحب بريد المغرب إلى هارون بصنيع إبراهيم في راشد فعلى إثر ذلك ولي الرشيد إبراهيم بن الأغلب إفريقية وصرف عنها العكي
وقد قيل إن الرشيد إنما دس إلى إدريس من أغتاله وخاطب إبراهيم به وهو عامل له على إفريقية والأول أصح وتوفي إبراهيم في شوال لثمان ليال بقين منه سنة ست وتسعين ومائة وهو ابن ست وخمسين سنة فكانت ولايته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام

  • دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1