وزير المعتصم أحمد بن عمار بن شادي البصري وزير المعتصم، كان موصوفا بالعفة والصدق، توفي في حدود الأربعين ومائتين تقريبا، وقيل سنة ثمان وثلاثين وقد أناف على الخمسين. احتاج الفضل بن مروان أيام المأمون إلى أن يقف على ضياع أقطعها المعتصم فكاتب ابن عمار في القيام بذلك فأرضى الفضل ووفر ما تولاه فاصطنعه وأقدمه وكان يصف عفته للمعتصم فلما نكب المعتصم الفضل ولى ابن عمار العرض عليه وسمي وزيرا ولم يكن ابن عمار يصلح للوزارة ولا لمخاطبة الملوك، فلما كان في بعض الأيام ورد كتاب من الجبل يصف فيه استواء الغلات وكثرة الكلأ، فقال المعتصم لابن عمار: ما الكلأ؟ فلم يعرفه فدعا محمد بن عبد الملك الزيات فسأله فقال: ما رطب من الحشيش فهو كلأ فإذا جف ويبس فهو حشيش ويسمى أول ما ينبت الرطب والبقل، فقال المعتصم لأحمد بن عمار: انظر أنت في الأمور والدواوين وهذا يعرض علي، فعرض عليه أياما ثم استوزره، وولى ابن عمار ديوان الأزمة فاستعفى وقال: يا أمير المؤمنين نويت المجاورة بمكة سنة، فوصله بعشرة آلاف دينار ودفع إليه عشرين ألف دينار وقال: تصدق بها ولا تعط منها إلا هاشميا أو قرشيا أو أنصاريا، فقال: يا أمير المؤمنين ربما كان من غير هؤلاء من له تقدم في الزهد والعلم، فدفع إليه خمسة آلاف دينار فحج ابن عمار وفرق كل ذلك في العشرة التي وصله بها ثم انصرف، فكان يضرب بذلك المثل ويقال: ما رأينا مثل عام ابن عمار، وكان أيام وزارته يتصدق كل يوم بمائة دينار، وكان يختم القرآن كل ثلاثة أيام، وكان ابن عمار وجده شادي طحانين.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0