التصنيفات

سعد الدين بن شبيب الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن بكر بن شبيب الطيبي، أبو عبد الله الكاتب، سعد الدين.
كان من الأعيان الفضلاء، المشهورين بالأدب وكمال الظرف. اختص بخدمة الإمام المستنجد بالله وقربه ومنادمته.
ولي الإشراف بالمخزن أيام المستضيء، ولما عزل ابن العطار عن نظر المخزن، تولى سعد الدين مكانه، أيام الناصر سنة خمس وسبعين، ثم عزل في سنته.
دخل على المستنجد يوما فقال له: ’’أين شتيت؟ ’’ فقال له: ’’عندك يا أمير المؤمنين’’. فأعجبه هذا التصحيف منه.
وذكره العماد الكاتب في الخريدة؛ فقال: ’’ابن شبيب، حلو التشبيب، رقيق نسيم النسيب’’.
وقال ابن شبيب في المستنجد:

المستنجد هو الثاني والثلاثون من الخلفاء، و لب جمل حروفها: اثنان وثلاثون.
ولد ابن شبيب سنة خمسمائة، وتوفي سنة ثمانين وخمسمائة، ودفن بمقبرة الكرخي.
ومن شعر ابن شبيب:
ومنه:
ومنه:
منها:
قلت: شعر جيد، وقوله: ’’فمازج نشوتها عزة... البيتين’’، يشبه قول الحيص بيص:
وكان مقداما على حل الألغاز، لا يكد يتوقف عما يسأل عنه، فتفاوض أبو غالب بن الحصين، هو وأبو منصور محمد بن سليمان بن قتلمش، الذي تقدم ذكره في المحمدين، في أمر ابن شبيب هذا وما هو عليه من حل اللغز؛ فقال أبو منصور: تعال حتى نعمل لغزا محالا، ونسأله عنه؛ ونظم أبو منصور:
ونظم أيضا:
وأنفذ اللغزين إليه، فكتب على الأول: هو طيف الخيال، وكتب على الثاني: هو الزئبق. فجاءا إليه، وقالا له: ’’هب اللغز الأول هو طيف الخيال، والبيت الثاني يساعدك عليه، فكيف تعمل في الأول؟ ’’ فقال: ’’لأن المنامات تفسر بالعكس؛ لأن من بكى يفسر له بالضحك، ومن مات فسر له بطول العمر’’. وفسر اللغز الثاني، فقال: ’’أبو منصور تكلم عليه كلاما شذ عني’’.
قلت: قوله: ولكن هو طيار؛ أرباب صناعة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيار، والفرا، والآبق، وما أشبه ذلك مما يناسب صفته، وأما برده فظاهر، ولإفراط برده ثقل جرمه، وكله نار لسرعة حركته وتشكله في افتراقه والتئامه كألسنة النار، وعلى كل حال ففي ذلك تسامح، يجوز في مثل هذه الأشياء الباطلة، إذا نزلت على الحقائق.
وقد ذكر ابن شرف القيرواني في كتابه: أبكار الأفكار عن رجل يعرف بأبي علي التونسي، وأنه وضع ألغازا من هذه المادة التي لا حقيقة لها، وأنشده إياها، فيجيب عنها على الفور، وينزلها على حقائق؛ من ذلك: أنه صنع له لغزا، وهو:
فقال للوقت والساعة: هي الشمس، وأخذ يتكلم على شرح ذلك. وذكر عدة ألغاز وضعها له، وهو ينزلها على حقائق، ويذكر لها مناسبات لائقة بذلك، وسرد الجميع في أبكار الأفكار.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0